و من ترحّمه على الضعفاء و الفقراء، و
يتفكر طويلا في اصلاح الامور.
ثمّ وصفه
7 في زيّه و لباسه و مأكله فقال: يعيش عيش الفقراء و المساكين حتّى
يعجبه اللباس القصير و الطعام الخشن لم يلاحظ لنفسه امتيازا و لا مثارة و امارة
للرياسة، بل كان فينا كأحدنا يجيب مسائلنا و يفتينا، و ليكن له هيبة معنوية في
قلوبنا، ثمّ يبين معاملته مع عموم الناس و رعايته للعدل الاجتماعي في هذه الفصول:
1- يعظم أهل
الدّين فلا حرمة عنده إلّا للدّين و أهله.
2- يقرّب
المساكين و لا يلتفت إلى زبرجة الأغنياء و المثرين.
3- لا نفوذ
فيه لأهل القوّة و الثروة فيستميلونه لأغراضهم، بل لا طمع لهم في ذلك.
4- لا يقطع
رجاء الضعيف من عدله و أخذه له بحقّه و إن كان خصمه قويّا ذا مال و جاه و ثروة.
ثمّ شرع بعد
ذلك في بيان خوفه عن اللَّه و زهده في الدّنيا و صوّره لمعاوية بما لا مزيد عليه
حتّى أثّر في هذه الصّخرة الصمّاء و القلب القاسى الأعمى فبكى.
و أظنّ أنّ
بكاء معاوية لم يكن عن خوف من اللَّه و إذعان للحقّ، بل كان كما يبكى الصبىّ من
ألم الابرة إذا نفذت في جسمه حيث إنّ كلّ جملة ألقاها إليه هذا البطل المجاهد في
فضيلة عليّ 7 تكون أوقع من السّهم على قلبه و كبده فهو مع كمال تجلّده
و تحلّمه الذي كان الركن الوثيق لسياسته العوجاء، لم يقدر على المقاومة تجاه هذه
الضربات البطولية النافذة على قلبه القاسي، فلم يحر جوابا و لم يجترى على إسكات
القائل لما اخذ منه العهد ضمنا بقوله أو تعفيني، فتحلّم ألم هذه الرّميات
المتتابعات حتّى نفد صبره و شرع يبكي من الألم و الغمّ الّذي دخله من مشاهدة هذا
البطل الّذي يجاهده بسيف لسانه في عقر داره، و هو يرى نفسه متّكأ على سرير الملك و
السّطوة، ثمّ أخبره هذا البطل في آخر كلامه عن مقدار حبّه لعليّ 7 و
بغضه له حيث أجابه بأنّ حزني على عليّ 7 كحزن أمّ ذبح ولدها