و بطانتي، و لم يكن في أهلي رجل أوثق
منك في نفسي لمواساتي و موازرتي و أداء الأمانة إلىّ، فلمّا رأيت الزّمان على ابن
عمّك قد كلب، و العدوّ قد حرب، و أمانة النّاس قد خزيت، و هذه الأمّة قد فنكت و
شغرت، قلبت لابن عمّك ظهر المجنّ، ففارقته مع المفارقين، و خذلته مع الخاذلين، و
خنته مع الخائنين فلا ابن عمّك آسيت، و لا الأمانة أدّيت، و كأنّك لم تكن اللّه
تريد بجهادك، و كأنّك لم تكن على بيّنة من ربّك، و كأنّك إنّما كنت تكيد هذه
الأمّة عن دنياهم، و تنوي غرّتهم عن فيئهم، فلمّا أمكنتك الشّدّة في خيانة الأمّة
أسرعت الكرّة، و عاجلت الوثبة، و اختطفت ما قدرت عليه من أموالهم المصونة لأراملهم
و أيتامهم اختطاف الذّئب الأزلّ دامية المعزى الكسيرة، فحملته إلى الحجاز رحيب
الصّدر بحمله، غير متأثّم من أخذه، كأنّك- لا أبا لغيرك- حدرت إلى أهلك تراثك من
أبيك و أمّك، فسبحان اللّه! أ ما تؤمن بالمعاد؟ أ و ما تخاف نقاش الحساب؟ أيّها
المعدود- كان- عندنا من ذوى الألباب، كيف تسيغ شرابا و طعاما و أنت تعلم أنّك تأكل
حراما و تشرب حراما؟ و تبتاع الإماء و تنكح النّساء من مال