أمّا بعد،
فقد آن لك أن تنتفع باللّمح الباصر من عيان [عين] الأمور فلقد سلكت مدارج أسلافك
بادّعائك الأباطيل، و إقحامك [اقتحامك] غرور المين و الأكاذيب، و بانتحالك ما قد
علا عنك و ابتزازك لما اختزن دونك، فرارا من الحقّ، و جهودا لما هو ألزم لك من
لحمك و دمك، ممّا قد وعاه سمعك، و ملىء به صدرك، فما ذا بعد الحقّ إلّا الضّلال
المبين، و بعد البيان إلّا اللّبس؟ فاحذر الشّبهة و اشتمالها على لبستها، فإنّ
الفتنة طالما أغدفت جلابيبها، و أعشت الأبصار ظلمتها. و قد أتاني كتاب منك ذو
أفانين من القول ضعفت قواها عن السّلم، و أساطير لم يحكها منك علم و لا حلم، أصبحت
منها كالخائض في الدّهاس، و الخابط في الدّيماس، و ترقّيت إلى مرقبة بعيدة المرام،
نازحة الأعلام، تقصر دونها الأنوق، و يحاذى بها العيّوق. و حاش للّه أن تلى
للمسلمين بعدي صدرا أو وردا، أو أجرى