يذهبون إلى انّهما تابا، و فارقا الدنيا
نادمين على ما صنعا، و كذلك نقول نحن فانّ الأخبار كثرت بذلك، فهما من أهل الجنّة
لتوبتهما.
أقول: في
كلامه هذا تناقض ظاهر فانّه حكم أوّلا بأنّهما قاتلا أنفسهما، و دمهما هدر، و كيف
يجتمع هذا مع القول بأنّهما تابا و ندما و هما من أهل الجنّة و لا بدّ أن يكون
التوبة قبل الموت.
إلى أن قال:
و أمّا الوعد لهما بالجنّة فمشروط بسلامة العاقبة، و الكلام في سلامتهما، و إذا
ثبتت توبتهما فقد صحّ الوعد لهما و تحقّق.
أقول: الوعد
بالجنّة بشرط سلامة العاقبة يعمّ كلّ المسلمين فلا امتياز لهما بهذا الوعد مع أنّ
حديث التوبة لم يثبت خصوصا في حقّ طلحة المقتول في معمعان القتال و لو تاب الزبير
فلا بدّ أن يرجع إلى علىّ 7 لا أن يفرّ من ميدان الحرب و منه 7 حتّى يقتله ابن جرموز.
إلى أن قال:
و أمّا امّ المؤمنين عائشة فقد صحّت توبتها و الأخبار الواردة في توبتها أكثر من
الأخبار الواردة في توبة طلحة و الزبير لأنّها عاشت زمانا طويلا و هما لم يبقيا، و
الّذي جرى لها كان خطأ منها، فأيّ ذنب لأمير المؤمنين 7 في ذلك؟ و لو
أقامت في منزلها لم تبتذل بين الأعراب و أهل الكوفة، على أنّ أمير المؤمنين 7 أكرمها و صانها و عظّم من شأنها، و من أحبّ أن يقف على ما فعله معها
فليطالع كتب السيرة، و لو كانت فعلت بعمر ما فعلت به، و شقّت عصا الامّة عليه ثمّ
ظفر بها، لقتلها و مزّقها إربا إربا، و لكنّ عليّا كان حليما كريما.
و أمّا قوله:
لو عاش رسول اللّه 6 فبربّك هل كان يرضى لك أن تؤذي حليلته،
فلعليّ 7 أن يقلب الكلام عليه، فيقول: أ فتراه لو عاش أ كان يرضى
لحليلته أن تؤذى أخاه و وصيّه، و أيضا أ تراه لو عاش أ تراه يرضى لك يا ابن أبي
سفيان أن تنازع عليّا الخلافة و تفرّق جماعة هذه الامّة، و أيضا أ تراه لو عاش أ
كان يرضى لطلحة و الزبير أن يبايعا ثمّ ينكثا لا لسبب، بل قالا: جئنا نطلب الدراهم
فقد قيل لنا أنّ بالبصرة أموالا كثيرة، هذا كلام يقوله مثلهما.