فكان نصبهم من دون ذلك بمجرّد المحاباة و
الاثرة خروجا عن الأمانة و نوعا من الخيانة.
أقول: لا
يخفى ما في ما ذكره الشارحان من تطبيق جملة: جماع من شعب الجور
و الخيانة على الانتخاب بالمحاباة و الاثرة من التكلّف و التعسّف، نعم لا
إشكال في أنّ هذا الانتخاب جور و خيانة و لكن لا ينطبق عليه أنّه جماع من
شعب الجور و الخيانة إلّا بالتكلّف، فالأظهر أنّ هذه الجملة راجعة إلى العمّال
الشاغلين للأعمال قبل حكومته 7.
ثمّ أمر 7 بانتخاب العمّال من أهل البيوتات الصالحة و المتقدّمة في
الاسلام لما ذكرنا سابقا من أنّ كفيل تربية الأفراد في ذلك العصر هى الاسرة
و البيت، و لم تكن هناك شهادة على صلاحيّة الفرد غير النظر في البيت و الاسرة
الّتي ربّى فيها و نشأ في ظلّها، فقد وصف هؤلاء المربّين في البيوت الصالحة بأنّهم
موصوفون بما يلزم للعامل من كرم الأخلاق و مصونيّة العرض و قلّة الطمع و النظر في عواقب
الامور.
ثمّ أوصى
بوفور الأرزاق و الرواتب عليهم، لئلا
يضطرّوا إلى الاختلاس ممّا في أيديهم من أموال الخراج و
يتمّ الحجّة عليهم إن خانوا.
ثمّ أوصى بتفقّد
أعمالهم و بثّ العيون عليهم لحثّهم على حفظ الأمانة و
الرفق بالرعيّة.
ثمّ شرّع عقوبة الخائن
الّذي ثبت خيانته باتّفاق أخبار العيون و المتفقّدين في
البدن بعرضهم على السياط و عزلهم عن العمل و إعلام خيانتهم للعموم و تقليدهم بعار
التهمة و أثر ذلك انفصالهم عن شغلهم أبدا.
ثمّ توجّه
إلى أمر الخراج و هو المصدر الوحيد في هذا العصر لخزانة
الحكومة و ما يلزمها من المصارف في شتّى حوائجها من أرزاق الجند و رواتب العمّال و
الخدم، و نبّه على أنّ المبدأ الوحيد للخراج هو عمران البلاد بالزرع و
الغرس و ما يتحصّل منه عوائد جديدة و بيّن أنّ التوليدات المثمرة إنّما هى