رأى منكرا فغيّره بلسانه و قلبه حتّى جفي
و نفى و حرم و احتقر ثمّ مات وحيدا غريبا، اللّهمّ فاقصم من حرمه و نفاه عن مهاجره
حرم رسولك، قال: فرفعنا أيدينا جميعا و قلنا آمين، ثمّ قدّمت الشاة الّتي صنعت
فقالت: إنّه قد أقسم عليكم أن لا تبرحوا حتّى تتغدّوا فتغدّينا و ارتحلنا.
و منها ما
روي عن حلّام دلف الغفاري و كانت له صحبة، قال: مكث أبو ذر بالربذة حتّى مات فلمّا
حضرته الوفاة قال لامرأته: اذبحي شاة من غنمك و اصنعيها فاذا نضجت فاقعدي على
قارعة الطريق فاوّل ركب تريهم قولي يا عباد اللّه المسلمين هذا أبو ذر صاحب رسول
اللّه قد قضى نحبه و لقى ربّه فأعينونى عليه و أجيبوه.
فانّ رسول
اللّه 6 أخبرني أنّى أموت في أرض غربة و أنّه يلي غسلي و دفني
و الصلاة علىّ رجال من امّته صالحون.
و منها ما في
البحار من أنّه ممّا كتب أمير المؤمنين إلى مالك الأشتر لمّا نعي إليه محمّد بن
أبي بكر و كان مقيما بنصيبين، أمّا بعد فانّك ممّن أستظهر به على إقامة الدين و
أقمع به نخوة الاثيم و أسدّ به الثغر المخوف، و قد كنت ولّيت محمّد ابن أبي بكر
مصر فخرج خوارج و كان حدثا لا علم له بالحرب فاستشهد فاقدم إليّ لننظر في امور مصر
و استخلف على عملك أهل الثقة و النصيحة من أصحابك و استخلف مالك بن شبيب بن عامر.
و قد ذكر
جماعة من أهل السير أنّه لمّا بلغ معاوية إرسال عليّ 7 الأشتر إلى مصر
عظم ذلك إليه و بعث إلى رجل من أهل الخراج و قيل: دسّ إليه مولى عمر، و قيل مولى
عثمان فاغتاله فسقاه السمّ فهلك، و لمّا بلغ معاوية موته خطب الناس فقال: أمّا بعد
فانّه كان لعليّ بن أبي طالب يمينان قطعت إحداهما يوم صفّين و هو عمّار بن ياسر و
قد قطعت الاخرى اليوم و هو مالك بن الأشتر.
و في شرح ابن
أبي الحديد أنّه كان فارسا شجاعا رئيسا من أكابر الشيعة و عظمائها شديد التحقّق
بولاء أمير المؤمنين 7 و نصره و قال فيه بعد موته: رحم اللّه مالكا
فلقد كان لي كما كنت لرسول اللّه 6.