لم يشر
الشراح إلى من كاتبه 7 بهذا الكتاب و إلى من خاطبه بهذه التوصيات
الحكيمة، و لكن يستفاد من قوله 7 (و أسدّ به لهاة
الثغر المخوف) أنّه كان من الأمراء و العمّال المرابطين في أحد
الثغور الهامّة الهائلة، و الثغور الّتي لا بدّ من المراقبة منها في عصر حكومته
على قسمين: منها ما كانت بين المسلمين و الكفار من ناحية المشرق و المغرب، و منها
ما كان بين المؤمنين و الفسّاق في داخل البلاد الاسلاميّة كثغور الشام و العراق،
فانّ معاوية يحكم في قطعة واسعة من البلاد الاسلاميّة تمتدّ من شمال الجزيرة إلى
نواحي العراق، و كان يراقب الغرّة من المجاهدين المؤمنين الّذين يطيعون عليّا
للفتك بهم و التسلّط على ما في يدهم كما فعله بحسّان بن حسّان البكري عامل عليّ
7 على أنبار، و ربما يشعر قوله 7 (و اقمع به نخوة
الأثيم) على الوجه الثاني كما أنّ قوله 7 «لهاة الثغر
المخوف» لا يخلو من ايماء إلى ذلك فانّ الثغور الداخليّة حينئذ كانت أخوف من
الثغور الخارجيّة المجاورة مع الكفّار، و قد ارتكب معاوية أيّام الهدنة المضروبة
طيلة سنة في قضيّة الحكمين من العيث و الفساد في نواحي العراق و الحجاز ما لا
يرتكبه الكفّار في الثغور الاسلاميّة الخارجيّة.
و قد أمر
عليّ 7 عامله على محافظة امور ثلاثة:
1- الاعانة
على إقامة الدين الّذي هو برنامج تربية المسلمين مادّة و معنا.
2- قمع
العصاة و المخالفين الّذين يريدون الفساد و الافساد في حوزة المسلمين.
3- المراقبة
على الثغر الاسلامى و الدفاع عن هجوم الأعداء، و أمر عامله
بالاستعانة على ما يهمّه من اللّه تعالى و الاستمداد
من سياسة ذات جهتين مخلوطة و مركّبة من الرفق و الشدّة و اللين و الضغط،
بحسب ما يعترضه من الحوادث و العوارض تجاه العدوّ و المخالف، فانّ مدار التدبير و
السياسة على الانذار و التبشير و الاحسان و التقتير كما قال الشاعر: