كان بنحو السّجود المتعارف، و هو المروي
عن الصّادق 7 أيضا، و لا إشكال فيه و إنّما الاشكال في أنّ السّجدة
عبادة، و كيف جاز في حقّ آدم.
قلت: قد
اتّفق المسلمون على أنّ ذلك السّجود ليس سجود عبادة، لأن سجود العبادة لغير اللّه
كفر و لا يمكن أن يكون مأمورا به.
ثمّ اختلفوا
بعد ذلك على أقوال:
أحدها أنّه
على وجه التكرمة لآدم و التّعظيم لشأنه و تقديمه عليهم و هو قول قتادة و جماعة من
أهل العلم، و هو المرويّ عن أئمّتنا و لهذا جعل أصحابنا ذلك دليلا على أفضليّة
الأنبياء من الملائكة من حيث انّه امرهم بالسّجود لآدم و ذلك يقتضي تعظيمه و
تفضيله عليهم و إذا كان المفضول لا يجوز تقديمه على الفاضل علمنا أنّه أفضل من
الملائكة، و قد نسب الصدوق ذلك في العقائد إلى اعتقاد الاماميّة، و هو ظاهر في
قيام اجماعهم على هذا القول.
لا يقال:
سجود التعظيم و التكرمة هو عبارة اخرى لسجود العبادة فيعود الاشكال لانّا نقول: لا
نسلّم كونه عبادة، و ذلك لأن الفعل قد يصير بالمواضعة مفيدا كالقول يبين ذلك أن
قيام أحدنا للغير يفيد من الاعظام ما يفيده القول و ما ذاك إلّا للعادة فلا يمتنع
أن يكون في بعض الأوقات سقوط الانسان على الأرض و إلصاقه الجبين بها مفيدا ضربا من
التّعظيم و إن لم يكن ذلك عبادة، و إذا كان كذلك لم يمتنع أن يتعبّد اللّه
الملائكة بذلك إظهارا لرفعته و كرامته.
الثّاني أنّ
السّجود كان للّه و آدم كالقبلة حكاه الطبري عن الجبائي و أبي القاسم البلخي.
و أورد عليه
أوّلا بأنّه لا يقال صلّيت للقبلة بل يقال صلّيت إلى القبلة فلو كان آدم قبلة يقول
اسجدوا إلى آدم مع أنّه قال اسجدوا لآدم، و يظهر منه عدم كونه قبلة.
و ثانيا بأنّ
إباء إبليس عن السّجود إنّما هو لاعتقاده تفضيله به و تكرمته