ثمّ جمع
سبحانه من حزن الأرض و سهلها و عذبها و سبخها، تربة سنّها بالماء حتّى خلصت، و
لاطها بالبلّة حتّى لزبت، فجبل (فجعل خ) منها صورة ذات أحناء و وصول، و أعضاء و
فصول، أجمدها حتّى استمسكت، و أصلدها حتّى صلصلت، لوقت معدود، و أجل معلوم، و نفخ
فيها من روحه فتمثّلت إنسانا ذا أذهان يجيلها، و فكر يتصرّف بها، و جوارح يختدمها،
و أدوات يقلّبها، و معرفة يفرّق بها بين الحقّ و الباطل، و الأذواق و المشامّ، و
الألوان و الأجناس، معجونا بطينة الألوان المختلفة، و الأشباه المؤتلفة، و الأضداد
المتعادية، و الأخلاط المتباينة، من الحرّ و البرد، و البلّة و الجمود، و المسائة
و السّرور.
اللغة
(الحزن) من
الأرض ما غلظ منها و هو على وزن فلس (و السّهل) خلافه (و العذب) من الأرض ما طاب
منها و استعد للنّبات (و السّبخ) كفلس أيضا المالحة منها يعلوها الملوحة الغير
الصّالحة للنّبات و لا تكاد تنبت إلّا بعض الأشجار و مثله السّبخة بفتح الموحدة و
سكونها أيضا تخفيفا واحدة السّباخ مثل كلبة و كلاب بالكسر أيضا يجمع على سبخات مثل
كلمة و كلمات (و التّربة) التّراب و الجمع ترب كغرفة و غرف (سنها بالماء) من سننت
الماء على الأرض صببتها (و لاطها) أى مزجها من لاط الشّيء بالشيء لوطا لصق (و
البلة) بالكسر الرّطوبة من البلل