مجرّد مدلول اللّفظ، كذلك يكون باقامة
القراين الواضحة النّافية للاحتمالات المخالفة للمعنى المقصود، و ما نحن فيه من
هذا القبيل، فانّ قول السّائل و إن كان أمر كنّا معه و ان كانت نائبة كنّا من دونه
مع قوله 6: هذا عليّ أقدمكم اه، نصّ على إرادة الخلافة، فانّ
قوله: أقدمكم، بمنزلة الدّليل على أهليّته للتقدّم على ساير الامة، فقوله: لو كان
رسول اللّه 6 ناصّا لقال إنّه الأمير بعدى، من باب تعيين
الطريق الخارج عن شرح المحصلين، بل لو قال النّبي ذلك لكان يتعسف النّاصب الشقيّ و
يقول الامارة ليست نصّا صريحا في الخلافة لاستعماله في امارة الجيوش و في امارة
قوم دون قوم، كما قال الأنصار، منّا أمير و منكم أمير و بالجملة التّصريح و
التطويل لا ينفع المعاند المحيل و لو تليت عليه التّوراة و الانجيل.
و منها ما
رواه فيه أيضا من كتاب ابن المغازلي الشّافعي باسناده عن رسول اللّه 6 أنّه قال: لكل نبيّ وصيّ و وارث، و إن وصيّي و وارثي عليّ بن أبي طالب
7، و احتمال كون المراد بالوصاية غير الخلافة مدفوع، بأنّ الظاهر من
قوله 6: لكلّ نبيّ وصيّ و وارث هو أنّ المراد بالوصيّ الوصيّ
في أمر النّبوة، و إلا يقال إنّ لكلّ احد وصيّ و من المعلوم أنّ الوصاية في أمر
النّبوة هو عبارة اخرى للخلافة و سيأتي لذلك مزيد توضيح بعيد ذلك.
و منها ما
رواه فيه أيضا من مسند أحمد بن حنبل عن سلمان أنّه قال: يا رسول اللّه من وصيك؟
قال: يا سلمان من وصيّ أخي موسى؟ قال: يوشع بن نون، قال: فان وصيّي و وارثي يقضي
ديني و ينجز موعدي عليّ بن أبي طالب 7.
و أورد عليه
النّاصب فضل بن روزبهان بأنّ الوصيّ قد يطلق و يراد به من أوصى له بالعلم و
الهداية و حفظ قوانين الشّريعة و تبليغ العلم و المعرفة، فان اريد هذا من الوصيّ
فمسلم أنّه كان وصيّا لرسول اللّه 6 و لا خلاف في هذا، و إن
اريد الوصيّة بالخلافة فقد ذكرنا بالدلايل العقليّة و النّقلية عدم النّص في خلافة
عليّ، و لو كان نصّا جليا لم يخالفه الصّحابة و إن خالفوا لم يطعهم العساكر و عامة
العرب سيما الأنصار.