و التّصرف بطريق النّيابة على ما هو
مقتضى الامامة لأنّه شريك له في النّبوة، و قوله اخلفني ليس استخلافا، بل مبالغة و
تأكيدا في القيام بأمر القوم، فلو سلّم فلا دلالة على بقائها بعد الموت، و ليس
انتفاؤها بموت المستخلف عزلا و لا نقصا، بل ربّما تكون عودا إلى حالة أكمل هي
الاستقلال بالنبوّة و التّبليغ من اللّه، و تصرف هارون و نفاذ أمره لو بقي بعد
موسى إنّما يكون لنبوّته، و قد انتفت النّبوة في حقّ عليّ فينتفى ما يبنى عليها و
يتسبّب عنها، و بعد اللتيا و التي لا دلالة فيه على نفى إمامة الأئمة الثّلاثة قبل
عليّ 7 انتهى.
و يتوجه عليه
وجوه من الكلام و ضروب من الملام الأوّل أنّ إنكار تواتر الخبر ممّا لا يصغى إليه
بعد ما سمعته من الشّارح المعتزلي من كونه مجمعا على روايته بين فرق الاسلام، و قد
رواه السّيد المحدث البحراني في كتاب غاية المرام بمأة طريق من طرق العامة، و
بسبعين طريقا من طرق الخاصّة.
الثّاني أنّ
عدم إفادة المفرد المضاف للعموم بحسب الوضع مسلم، إلّا أنّه لا غبار على إفادته له
في المقام بخصوصه بقرينة الاستثناء و بدليل الحكمة، لأنّا لو حملنا المنزلة على
بعض المنازل دون بعض فامّا أن يكون معيّنة أو مبهمة، و الأوّل ممتنع، ضرورة عدم
دلالة اللفظ على التّعيين، و الثّاني أيضا ممتنع لما فيه من الاجمال و عدم
الافادة، نظير ما قاله الاصوليون في إفادة المفرد المعرّف للعموم إذا لم يكن ثمّ
معهود، مثل قوله: أحلّ اللّه البيع.
الثّالث أنّ
الأصل في الاستثناء الاتّصال و حمل إلّا بمعنى لكن خلاف الظاهر.
الرّابع أنّ
معنى قوله: اخلفني في قومي، كن خليفتي فيهم كما صرّح به في الكشّاف، و على ذلك
فكان تصرّفه في القوم بطريق النّيابة عن موسى كما كان نافذ التّصرف بالاصالة
بمقتضى نبوّته و حيث انتفى النّبوة في حقّ عليّ 7 فيكون تصرّفاته بطريق
النّيابة.
الخامس هب
أنّ بقاء هارون بعد موسى لا يقتضى كونه نافذ التّصرف من حيث