لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ثمّ علّله بعلّة ثانية منشعبة من العلّة الاولى من حيث إنّ طلب تمام
نعمته موقوف على معرفته سبحانه من حيث إنّه منعم و معرفة النّعمة من حيث إنّها
نعمة و لا تتمّ تلك المعرفة إلّا بأن تعرف أنّ النّعم كلها جليّها و خفيّها منه
سبحانه و أنّه المنعم الحقيقي، و الأوساط كلها منقادة لحكمه و مسخرة لأمره، و ثمرة
تلك المعرفة هي الخضوع و الاستسلام و التذلل لعزّته و قدرته.
و أمّا
العلّة الثّالثة ففيها إشارة إلى أنّ بالحمد يحصل العصمة من المعصية إذ في تركه
كفران النّعمة و قد أوعد عليه سبحانه:
وَ لَئِنْ
كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ هذا و غير خفيّ على الفطن الدّقيق أنّ ما
ذكرناه في شرح كلامه 7 أولى ممّا صنعه الشّارح البحراني من جعل
الاستتمام و الاستسلام و الاستعصام غايات للحمد[1]
مترتبة عليه، لظهور أنّ طلب التّمام ليس من غايات الحمد، بل هو علّة باعثة له و
إنّما غايته و فايدته المترتبة عليه هو التّمام و الزّيادة، و هكذا الكلام في
الاستسلام و الاستعصام، و بالجملة المفاعيل الثلاثة في كلامه 7 على حدّ
قولهم، قعدت عن الحرب جبنا، لا على نحو قولهم: جئتك زيارة لك، فافهم جيّدا.
تلويح ثمّ
إنّ الظاهر أنّ المراد [بالحمد] في كلامه 7 هو الشكر، و في قوله:
استتماما
لنعمته تلويح لذلك، لأنّ الثّناء على المنعم من حيث النّعمة و من حيث تمامها و
زيادتها هو الشكر، و في قوله سبحانه: لئن شكرتم اه إشارة إلى ذلك.
قال المحقّق
النّصير الطوسي (ره) في محكي كلامه: اعلم أنّ الشّكر مقابلة النّعمة بالقول و
الفعل و النيّة و له أركان ثلاثة.
الأوّل معرفة
المنعم و صفاته اللّايقة به و معرفة النّعمة، من حيث إنها نعمة و لا تتمّ تلك
المعرفة إلّا بأن تعرف أنّ النعم كلها جليها و خفيّها من اللّه سبحانه، و أنّه
المنعم الحقيقي
[1] و مثله الشهيد الثاني( ره) فى شرح ديباجة اللمعة الدمشقية
منه