قعرها بعيد و حرّها شديد و شرابها صديد و
عذابها جديد، و مقامعها حديد لا يفتر عذابها و لا يموت ساكنها، دار ليس فيها رحمة
و لا يسمع لأهلها دعوة.
و اعلموا يا
عباد اللّه أنّ مع هذا رحمة اللّه الّتي لا تعجز العباد: جنّة عرضها كعرض السماء و
الأرض اعدّت للمتّقين لا يكون معها شرّ أبدا، لذّاتها لا تملّ و مجتمعها لا
يتفرّق، سكّانها قد جاوروا الرّحمن، و قام بين أيديهم الغلمان بصحاف من الذّهب
فيها الفاكهة و الريحان.
ثمّ اعلم يا
محمّد بن أبي بكر أنّى قد ولّيتك أعظم أجنادي في نفسى أهل مصر فاذا ولّيتك ما
ولّيتك من أمر الدّنيا فأنت حقيق أن تخاف فيه على نفسك، و أن تحذر فيه على دينك،
فإن استطعت ألّا تسخط ربّك برضى أحد من خلقه فافعل فإنّ في اللّه عزّ و جلّ خلفا
من غيره و ليس في شيء سواه خلف منه. اشتدّ على الظالم و خذ عليه، و لن لأهل الخير
و قرّبهم و اجعلهم بطائنك و أقرانك.
و انظر إلى
صلاتك كيف هي فانك إمام لقومك أن تتمّها و لا تخفّفها فليس من إمام يصلّى لقوم
يكون في صلاتهم نقصان إلّا كان عليه لا ينقص من صلاتهم شيء و تمّمها و تحفّظ فيها
يكن لك مثل اجورهم و لا ينقص ذلك من أجرهم شيئا.
و انظر إلى
الوضوء فإنّه من تمام الصّلاة: تمضمض ثلاث مرات، و استنشق ثلاثا، و اغسل وجهك ثمّ
يدك اليمنى ثمّ اليسرى ثمّ امسح رأسك و رجليك فإنّى رأيت رسول اللّه 6 يصنع ذلك، و اعلم أنّ الوضوء نصف الإيمان.
ثمّ ارتقب
وقت الصّلاة فصلّها لوقتها و لا تعجل بها قبله لفراغ و لا تؤخّرها عنه لشغل فإنّ
رجلا سأل رسول اللّه 6 عن أوقات الصّلاة فقال رسول اللّه 6:
أتانى جبرئيل
7 فأرانى وقت الصّلاة حين زالت الشمس فكانت على حاجبه الأيمن، ثمّ
أرانى وقت العصر فكان ظلّ كلّ شيء مثله، ثمّ صلّى المغرب حين غربت الشمس، ثمّ صلى
العشاء الاخرة حين غاب الشفق، ثمّ صلّى الصبح فأغلس بها و النّجوم مشتبكة فصلّ
لهذه الأوقات، و الزم السنّة المعروفة و الطريق الواضح.
ثمّ انظر
ركوعك و سجودك فإنّ رسول اللّه 6 كان أتمّ الناس صلاة