بالموت واعظا، و كان رسول اللّه 6 كثيرا ما يوصى أصحابه بذكر الموت فيقول:
أكثروا ذكر
الموت فانه هادم اللذّات حائل بينكم و بين الشهوات.
يا عباد
اللّه ما بعد الموت لمن لا يغفر له أشدّ من الموت، القبر فاحذروا ضيقه و ضنكه و
ظلمته و غربته، إنّ القبر يقول كلّ يوم: أنا بيت الغربة، أنا بيت التراب أنا بيت
الوحشة، أنا بيت الدّود و الهوام. و القبر روضة من رياض الجنّة، أو حفرة من حفر
النّار، إنّ العبد المؤمن إذا دفن قالت له الأرض: مرحبا و أهلا قد كنت من أحبّ أن
تمشي على ظهري فاذا وليتك فستعلم كيف صنيعي بك فيتّسع له مدّ البصر، و إنّ الكافر
إذا دفن قالت له الأرض: لا مرحبا بك و لا أهلا لقد كنت من أبغض من يمشي على ظهري
فاذا وليتك فستعلم كيف صنيعي بك فتضمّه حتّى تلتقى أضلاعه، و أنّ المعيشة الضنك
الّتي حذّر اللّه منها عدوّه عذاب القبر انه يسلّط على الكافر في قبره تسعة و
تسعين تنينا فينهشن لحمه و يكسرن عظمه و يتردّدن عليه كذلك إلى يوم البعث، لو أنّ
تنينا منها نفخ في الأرض لم تنبت زرعا [زرعا أبدا- خ ل].
يا عباد
اللّه إنّ أنفسكم الضعيفة، و أجسادكم الناعمة الرقيقة الّتي يكفيها اليسير تضعف عن
هذا، فإن استطعتم أن تجزعوا لأجسادكم و أنفسكم ممّا لا طاقة لكم و لا صبر لكم عليه
فاعملوا بما أحبّ اللّه و اتركوا ما كره اللّه.
يا عباد
اللّه إنّ بعد البعث ما هو أشدّ من القبر يوم يشيب فيه الصغير و يسكر فيه الكبير و
يسقط فيه الجنين و تذهل كلّ مرضعة عمّا أرضعت، يوم عبوس قمطرير يوم كان شرّه
مستطيرا، إنّ فزع ذلك اليوم ليرهّب الملائكة الذين لا ذنب لهم و ترعد منه السبع
الشداد، و الجبال الأوتاد، و الأرض المهاد، و تنشقّ السماء فهى يومئذ واهية و
تتغير فكأنّها وردة كالدّهان، و تكون الجبال سرابا مهيلا بعد ما كانت صمّا صلابا،
و ينفخ في الصور فيفزع من في السموات و من في الأرض إلّا من شاء اللّه، فكيف من
عصى بالسمع و البصر و اللسان و اليد و الرّجل و الفرج و البطن إن لم يغفر اللّه له
و يرحمه من ذلك اليوم، لأنّه يصير إلى غيره: إلى نار