قال أبو إسحاق إبراهيم: ثمّ قام محمّد بن
أبي بكر خطيبا فحمد اللّه و أثنى عليه و قال: أمّا بعد فالحمد للّه الّذي هدانا و
إيّاكم لما اختلف فيه من الحقّ، و بصرنا و إيّاكم كثيرا ممّا عمي عنه الجاهلون.
ألا و إنّ أمير المؤمنين و لانّي اموركم و عهد إليّ بما سمعتم و أوصاني بكثير منه
مشافهة و لن آلوكم جهدا ما استطعت و ما توفيقي إلّا باللّه عليه توكلت و إليه
انيب، فان يكن ما ترون من آثاري و أعمالي طاعة للّه و تقوى فاحمدوا اللّه على ما
كان من ذلك فانه هو الهادي إليه، و إن رأيتم من ذلك عملا بغير الحقّ فارفعوه إليّ
و عاتبوني عليه فاني بذلك أسعد و أنتم بذلك جديرون، وفّقنا اللّه و إيّاكم لصالح
العمل.
صورة ما
كتب أمير المؤمنين على 7 الى أهل مصر لما بعث محمد بن أبى بكر اليهم
يخاطبهم به و محمدا أيضا فيه على رواية أبى اسحاق فى كتاب الغارات أيضا
و قال أبو
إسحاق إبراهيم في كتاب الغارات أيضا: و حدّثنى يحيى بن صالح عن مالك، عن خالد
الأسدي، عن الحسن بن إبراهيم، عن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن 7 قال:
كتب عليّ 7 إلى أهل مصر لمّا بعث محمّد بن أبي بكر إليهم كتابا يخاطبهم
به و يخاطب محمّدا أيضا فيه: أمّا بعد فإنّى اوصيكم بتقوى اللّه في سرّ أمركم و
علانيته، و على أىّ حال كنتم عليها. و ليعلم المرء منكم أنّ الدنيا دار بلاء و
فناء، و الاخرة دار جزاء و بقاء، فمن استطاع أن يؤثر ما بقي على ما يفنى فليفعل
فإنّ الاخرة تبقى و الدّنيا تفنى، رزقنا اللّه و إيّاكم بصرا لما بصّرنا و فهما
لما فهّمنا حتّى لا نقصّر عمّا أمرنا، و لا نتعدّى إلى ما نهانا.
و اعلم يا
محمّد أنّك و إن كنت محتاجا إلى نصيبك من الدّنيا إلّا أنّك إلى نصيبك من الاخرة
أحوج، فإن عرض لك أمران أحدهما للاخرة و الاخر للدّنيا فابدأ بأمر الاخرة. و لتعظم
رغبتك في الخير، و لتحسن فيه نيّتك فإنّ اللّه عزّ و جلّ يعطي العبد على قدر
نيّته، و إذا أحبّ الخير و أهله و لم يعمله كان إن شاء اللّه كمن