و لا يخفى عليك أنّ كلامه 7
يشير إلى التوحيد الذاتى و اخلاصه تمحيض حقيقة الأحديّة عن شائبة الكثرة، قال
العارف السيّد حيدر الاملي في رسالة نقد النقود في معرفة الوجود (ص 636): و اذا
تحقّق هذا و ثبت أنّ الوجود المطلق موجود في الخارج و ليس لغيره وجود أصلا، و ثبت
أنّ هذا الوجود المطلق هو الحقّ تعالى فاعلم أنّ مرادهم بالوجود من حيث هو الوجود،
الوجود الصرف و الذات البحت الخالص بلا اعتبار شيء معه أصلا أعنى تصوّره من حيث
هو هو لا بشرط الشيء و لا بشرط اللا شيء أى مجردا عن جميع النسب و الإضافات و
القيود و الاعتبارات.
و معلوم أنّ
كلّ شيء له اعتباران: اعتبار الذات من حيث هي هي، و اعتبارها من حيث الصفات أى
وصفها بصفة مّا أيّة صفة كانت، فهذا هو اعتبار الذات فقط أعنى اعتبار الذات بقطع
النظر عن جميع الاعتبارات و الإضافات المخصوصة بالحضرة الأحديّة و أنّ مرادهم
بالمطلق هو الذات المطلقة المنزّهة عن جميع هذه الاعتبارات، و ليس اطلاق لفظ
المطلق على الوجود الصرف إلّا من هذه الحيثيّة لا من جهة المطلق الّذي هو بازاء
المقيد، و لا من جهة الكلى الّذي هو بازاء الجزئي، و لا من جهة العام الذي هو
بازاء الخاص لأنه- أى الوجود الصرف- من حيث هو غنىّ عن إطلاق شيء عليه اسما كان
أو صفة، سلبا كان أو ثبوتا، إطلاقا كان أو تقييدا، عامّا كان أو خاصّا، لأنّ كلّ
واحد منها- اى من هذه الامور المتقابلة- يقتضى سلب الاخر، أو يقتضى التقيّد و
التعيّن فيه، و هو أعنى الوجود المطلق المحض منزّه عن الكلّ حتّى عن الإطلاق و عدم
الإطلاق لأنّ الإطلاق تقييد يقيّد الإطلاق، كما أنّ اللّا إطلاق قيد بعدم الاطلاق
و كذلك التعيّن و اللّا تعيّن و غير ذلك من الصفات كالوجود و القدم و العلم و
القدرة و أمثالها.
و عن هذا
التنزيه النزيه و التقديس الشريف أخبر مولانا و إمامنا أمير المؤمنين عليّ بن أبي
طالب 7 في قوله: أوّل الدين معرفته- إلخ و الغرض