قال: قال ابن
إسحاق: و حدّثني يزيد بن عبد الله بن اسامة بن الهادي اللّيثي عن محمّد بن إبراهيم
بن الحارث التّيمي، قال: قدم محمّد بن جبير بن مطعم بن عديّ بن نوفل بن عبد مناف-
و كان محمّد بن جبير أعلم قريش- على عبد الملك ابن مروان بن الحكم حين قتل ابن
الزبير و اجتمع النّاس على عبد الملك، فلمّا دخل عليه قال له: يا أبا سعيد أ لم
نكن نحن و أنتم، يعنى بني عبد شمس ابن عبد مناف، و بني نوفل بن عبد مناف، في حلف
الفضول؟ قال: أنت أعلم، قال عبد الملك: لتخبرنى يا أبا سعيد بالحقّ من ذلك فقال:
لا و اللّه، لقد خرجنا نحن و أنتم منه! قال: صدقت، تمّ خبر حلف الفضول.
و المنقول عن
الروض الأنف في سبب تسمية هذا الحلف بهذا الاسم أنّ جرهما في الزمن الأوّل، قد
سبقت قريشا إلى مثل هذا الحلف فتحالف منهم ثلاثة هم و من تبعهم أحدهم: الفضل بن
فضالة، و الثاني: الفضل بن وداعة، و الثالث: فضيل بن الحارث و قيل: بل هم: الفضيل بن
شراعة، و الفضل بن وداعة، و الفضل بن قضاعة، فلمّا أشبه حلف قريش هذا حلف هولاء
الجرهميين سمّى حلف الفضول.
و قيل: بل
سمّى كذلك لأنهم تحالفوا أن تردّ الفضول على أهلها، و ألا يغزو ظالم مظلوما.
و كان حلف
الفضول هذا قبل البعث بعشرين سنة، و كان أكرم حلف و أشرفه و أوّل من تكلّم به و
دعا إليه الزبير بن عبد المطّلب، و كان سببه أنّ رجلا من زبيد قدم مكّة ببضاعة،
فاشتراها منه العاصى بن وائل، و كان ذا قدر بمكّة و شرف فحبس عنه حقّه، فاستعدى
عليه الزبيدى الأحلاف: عبد الدار، و مخزوما، و جمح و سهما، و عدىّ بن كعب، فأبوا أن
يعينوه على العاصى، و زبروه، فلمّا رأى الزبيدى الشرّ، أوفى على أبى قبيس عند طلوع
الشمس، و قريش في أنديتهم حول الكعبة فصاح بأعلى صوته: