و احلل عقدة الخوف عن قلوبهم يستفاد أنّ أهل البصرة لم يكونوا بعد
آمنين، بل كانوا خائفين، و كانوا يتربّصون بهم ريب المنون، بل يستفاد من قوله
انّها مهبط
إبليس و مغرس الفتن، و من تفريع حادث أهلها عليه ذلك أيضا فاسلوب الكلام يدلّ على اضطراب أوضاعها و احتمال
اثاره فتنة فيها، و اقبال وقائع هائلة على أهلها و لذلك أمر الأمير 7
ابن عبّاس بالإحسان إليهم و إزالة الخوف عنهم لئلّا تحدث فتنة.
ثمّ إنّ قوله
هذا في البصرة ذمّ على أهلها أيضا فانّه يدلّ على اتّباعهم إبليس بخروجهم عن حكومة
سلطان العقل، و على أنّهم أهل شقاق و نفاق، و على أنّ فيهم أهل التفتين و حزب
الشيطان.
استعاره
مرشحة قوله 7 (و إنّ بني تميم لم يغب لهم نجم إلّا طلع
لهم آخر) النجم كثيرا ما يراد به فى لغة العرب سيّد القوم و مقتداهم و
المشهور من النّاس من حيث إنّهم يقتدون و يهتدون به و قال حسّان بن ثابت في قصيدة
يذكر فيها عدّة أصحاب اللّواء يوم احد:
تسعة تحمل اللّواء و طارت
في رعاع من القنا مخزوم
إلى أن قال:
لم تطق حمله العواتق منهم
إنّما يحمل اللّواء
النّجوم
أي إنّما
يحمله الأشراف المشاهير من النّاس، و القصيدة مذكورة في السيرة النبويّة لابن هشام
(ص 149 ج 2 طبع مصر 1375 ه)، و أتى الجاحظ في البيان و التبين أبياتا منها (ص 325
ج 2 طبع مصر 1380 ه)، و في ديوان الحسان، و لمّا استعار كلمة النجم لهذا المعنى
رشح بمناسبة ظاهر اللّفظ بقوله لم يغب و طلع، و المعنى
كيف يجوز لنا التنمّر لهم و الغلظة عليهم و الحال أنّ لهم هذه الخصال الثلاث:
أحدها أنّه
لم يمت منهم سيّد إلّا قام لهم آخر منهم مقامه، و كأنّما يريد 7 أنّ
لهم سيّدا مطاعا و أميرا خيّرا مدبّرا يجمع شمل امورهم و يلمّ شعث آرائهم و
أهوائهم، و ينقذهم من المهالك، و يمنعهم عن الهوىّ فيما يوجب شينهم، و هذا