التدبير و الاتّحاد و الاقتداء بقدوة كذا كان لهم في كلّ دورة فلا
ينبغي التنمّر على قوم هذا شأنهم.
و الثّاني أنّهم لم
يسبقوا بوغم في جاهلية و لا إسلام يعني بهذه الجملة أنّهم كانوا أهل بأس و قوّة
و شجاعة و حميّة في الجاهلية و الإسلام و يناسبه معنى التميم لغة فإنّه بمعنى
الشديد كما في نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب للقلقشندي، فلا ينبغي التنمّر و
الغلظة على طائفة بلغوا في البأس و القوّة هذه المرتبة أمّا معناها المطابقيّ
فالأولى أن يحمل الوغم على الحقد و الغيظ لأنّه يناسب المقام و اسلوب الكلام و ذلك
لأنّ ابن عبّاس- كما دريت- إنّما تنكّر عليهم باتّباعهم الناكثين و يسمّيهم حزب
الشيطان و شيعة الجمل و أنصار عسكر لذلك و أوجب عملهم هذا حقدا في صدر ابن عبّاس و
كأنّه كان يسميّهم بها تشفّيا من غيظه، و يتنكّر عليهم انتقاما منهم بفعلهم المنكر
فنهاه الأمير 7 عن ذلك و عرّف له بني تميم بأنّهم
لم يسبقوا بوغم في جاهليّة و لا اسلام، أي لم يسبقهم أحد كان له حقد و غيظ
عليهم فيتنكّر و يغلظ عليهم تشفّيا منهم و نكاية فيهم لقوّتهم و قهرهم، هذا هو
الوجه الّذي ينبغي أن يختار في معنا هذه الجملة في المقام.
و أمكن أن
يفسّر بوجوه اخرى: منها أن يقال: لم يسبقهم أحد بحقد لهم عليه لأنّهم لعلوّ همّتهم
و شرافة نفوسهم لا يهتمّون بأذى غيرهم و إسائته عليهم و لذلك لم يكن في قلوبهم ضغن
و عداوة على أحد.
و منها أن
يفسّر الوغم بالترة فقال الجوهريّ في الصحاح: الموتور الّذي قتل له قتيل فلم يدرك
بدمه تقول منه و تره يتره وترا و ترة، و كذلك وتره حقّه أي نقصه و قوله تعالى: وَ لَنْ
يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ أي لن يتنقّصكم في أعمالكم كما تقول دخلت
البيت و أنت تريد دخلت في البيت، انتهى؛ فالمعنى أنّ بني تميم لم يهدر لهم
دم، و لم ينقص أحد حقّهم.
و منها أن
يفسّر الوغم بالحرب و القتال كقول شقيق بن سليك الأسدي يقول معتذرا
إلى أبي أنس الضحّاك بن قيس بن خالد الشيبانى الفهري (الحماسة 261):