[تتمة باب
المختار من كتب مولانا أمير المؤمنين ع و رسائله إلى أعدائه و أمراء بلاده]
[تتمة
المختار الاول من كتبه 7 و رسائله]
[تتمة
المعنى]
قوله 7: (و اعلموا أنّ دار الهجرة قد قلعت بأهلها و قلعوا بها) أي أنّ
مدينة الرّسول 6 فارقت أهلها و خلت منهم
و كذا أهلها فارقوها على ما بيّنا في تفسير لغات الكتاب. و أمّا مراده
7 منه فقال بعضهم: إنّه 7 يخبرهم من قوله و اعلموا- إلى- على
القطب، عن سبب حركته و خروجه من المدينة أنّ المدينة قامت فيها رحى الفتنة
و اضطربت أحوال ساكنيها و امورهم و جاشت جيش المرجل من الهرج و المرج، و انقلبت
أحوال البلد و تبدّلت بحيث ليس المقام فيها للنّاس سيّما للمؤمنين و الخواص
بميسور، و لذا خرج منها و جعل الكوفة مهاجره و مقرّ خلافته.
أقول: لا
يخفى على أنّ هذا التفسير لا يناسب المقام و لا يوافق قوله 7 فأسرعوا
إلى أمير كم و بادروا جهاد عدوّكم، فانّه 7 كتب إليهم الكتاب
ليستنفرهم إلى الجهاد كما صرّح به في ذيل الكتاب و نفر من المدينة نحو البصرة
لجهاد الناكثين، لا أنّه يخبرهم عن صرف سبب خروجه منها، و هذا ظاهر لا كلام فيه.
كنايه [و
اعلموا أنّ دار الهجرة قد قلعت بأهلها و قلعوا بها] و يقرب من هذا التّفسير ما
قيل: إنّه 7 كنّى بقلعها بأهلها و قلعهم بها عن اضطراب
امورهم بها و عدم استقرار قلوبهم من ثوران هذه الفتنة.
أقول:
الظّاهر أنّه 7 لمّا أخبر أهل الكوفة عن أمر عثمان و عن سيرته معه و
عمّا جرى عليه من طلحة و الزّبير و عائشة و عن بيعة النّاس أعلمهم أنّ منهم من
نكثوا البيعة و أثاروا الفتنة و نشّطوا أقواما على الحرب و هيّجوا بين النّاس
الشرّ و العداوة و الشحناء حتّى أقاموا الحرب، فنهضوا أهل المدينة مجاهدين في سبيل
اللَّه أعداء اللَّه لإطفاء هذه النّائرة و إزالة الفتنة نهضة خلت المدينة من
أهلها و فارقها ساكنوها، سيّما أنّهم كانوا من أفعال عثمان و شيعته متألّمين، فلما
رأوا أنّ آل عثمان تمسّكوا بدم عثمان تفتينا لم يلبثوا في المدينة خوفا من أن تشيع
الفتنة و يفسد المبطلون، فبادروا إلى جهاد عدوّهم فقلعوا بالمدينة مسرعين.