فهو 7 أراد إعلام أهل الكوفة
بنهوض أهل المدينة على ذلك الحدّ ليرغبوا في الجهاد و ينصروا دين اللَّه و ينهضوا
لقتال أصحاب الجمل معهم و يهتمّوا همّتهم في إماتة الباطل و إزاحة أهله، و لذا
أمرهم 7 بالسّرعة إليه و المبادرة بالجهاد.
قوله 7: (و جاشت جيش المرجل) أي غلت كغليان الماء في القدر. و المراد
إخبار أهل الكوفة باضطراب أهل المدينة و ولعهم بالجهاد لما علموا بمسير الناكثين و
أتباعهم إلى البصرة لإثارة الفتنة. و هذا أيضا تحريض أهل الكوفة على النهضة و
الجهاد.
تشبيه قوله
7: (و قامت الفتنة على القطب) أي الفتنة الّتي
أثارها النّاكثون و أتباعهم قامت على القطب، شبّه الفتنة بالرحى
بقرينة القطب، أي أنّ رحى الفتنة دائرة و المراد أنّ
الفتنة قائمة و نارها مشتعلة فاسرعوا إلى إطفائها، ففيها أيضا تحريض أهل الكوفة
على الجهاد.
و قد قدّر
بعض الشّارحين الجملة بقوله: قامت الفتنة في المدينة على القطب
حيث فسّرها بأنّ رحى الفتنة في المدينة دائرة، و لا يخفى أنّ ذلك التقدير
غير مناسب للمقام لأنّ فتنة الحرب حين إرساله 7 الكتاب إلى أهل الكوفة
كانت في البصرة بين أصحاب الجمل و عامله 7 عثمان بن حنيف قائمة كما
سيتضح في شرح الكتاب الثاني إن شاء اللَّه تعالى.
و هو 7 كان ساعتئذ في ذي قار كما دريت ممّا حقّقنا آنفا، و بالجملة أنّه 7 أعلم أهل الكوفة بأنّ الفتنة قائمة على
القطب و لا حاجة إلى ذلك التقدير فكأنّما اغترّ ذلك البعض من الجمل
المتقدّمة.
ثمّ يمكن أن
يقال: إنّه 7 أراد بالقطب نفسه، فانّه 7 قطب الاسلام و المسلمين يقال: فلان قطب بني فلان أي سيّدهم الّذي يدور
عليه أمرهم، و كذا يقال لصاحب الجيش: قطب رحى الحرب تشبيها بالنقطة الّتي يدور
عليها الفلك و يسمّونها قطب الفلك، فيكون المعنى أنّ تلك الفتنة أقبلت إليه و قامت و هجمت عليه
فتكون كلمة على، على هذا الوجه للضّرر و على الوجه الأوّل للإستعلاء