من رسول اللّه 6
بمنزلة هارون من موسى، على أنّه قد طعن ذلك الإجماع الحاصل من هؤلاء النفر غير
واحد من كبار رسول اللّه 6 ممن تثني عليهم الخناصر و هذا هو
خزيمة بن ثابت الأنصارى ذو الشهادتين طعن إجماعهم و انكر عليهم فعلهم و قال:
ما كنت أحسب هذا الأمر منصرفا
عن هاشم ثمّ منها عن أبي حسن
أليس أوّل من صلّي بقبلتهم
و أعرف النّاس بالاثار و السنن
و آخر النّاس عهدا بالنبيّ و من
جبريل عون له في الغسل و الكفن
من فيه ما فيهم لا يمترون به
و ليس في القوم ما فيه من الحسن
ما ذا الّذي ردّكم عنه فنعلمه
ها إنّ بيعتكم من أغبن الغبن
و في نسخة:
ها إنّ بيعتكم من أوّل الفتن
.
و هذا هو العبّاس
بن عبد المطّلب عمّ رسول اللّه 6 دعا أمير المؤمنين 7 فقال له: امدد يدك يا ابن أخي أبايعك ليقول النّاس عمّ رسول اللّه 6 بايع ابن عمّ رسول اللّه فلا يختلف عليك اثنان.
و هؤلاء أهل
اليمامة لما عرفوا تقلد أبي بكر أنكروا أمره و امتنعوا من حمل الزكاة حتّى أنفذ
اليهم الجيوش فقتلهم و حكم عليهم بالردة عن الإسلام.
و لو أطنبنا
الكلام في ذلك لكثر بنا الخطب و لخرجنا عن اسلوب الكلام و موضوع الكتاب.
قوله 7: (اكثر استعتابه و اقلّ عتابه) لا يخفى دلالة كلامه
7 هذا على حسن طويّته و لطف رويّته بالنّاس و ذلك لأن الناصح الكريم
إذا رأى غيره في صوب غير صواب لا يلومه بألفاظ خشنة و لا ينهى عنه بعنف و لا يشمت
به و لا يفرح ببليّته و لا يوبّخه بفعله لأنّها من ديدن الجهّال و دأب من لم يطلع
بسرّ اللّه في القدر، بل يعظه بالرفق و اللين فإن الرفق يمن و الحزق شوم و لذا قال
7: اكثر استعتابه و اقل عتابه أى اكثر استرضائه و
نصحه ليرجع عمّا صارت سبب سخط القوم عليه و نقموها منه، أو اكثر استرضاء
القوم عنه كما دريت أن أمير المؤمنين دفع عنه غير مرة حتّى قال 7: و اللّه
لقد دفعت عنه حتّى خشيت أن أكون آثما (الخطبة