و ذهب إلى هذا المعنى الشارح الفاضل
المعتزلي و اتى بثلاثة أبيات شاهدا حيث قال: قال الشاعر:
كلوا في بعض بطنكم و عفّوا
فان زمانكم زمن خميص
و قال أعشى
باهلة:
طاوى المصير على العزا متصلت
بالقوم ليلة لا ماء و لا شجر
و قال
الشقرى:
و اطوى على الخمص الحوايا كما انطوت
خيوطة ما ريّ تغار و تفتل
و ذهب الشارح
الفاضل البحراني إلى أنّ طىّ فضول الخواصر كناية عن الأمر بترك ما يفضل من متاع
الدّنيا على قدر الحاجة من ألوان الطعوم و الملابس و سائر قينات الدنيا و أصله أن
للخواصر و البطون احتمال أن يتسع لما فوق قدر الحاجة من المأكول فذلك القدر المتسع
لما فوق الحاجة هو فضول الخواصر و كنّى بطيّها عمّا ذكرناه من لوازم ذلك الطىّ ترك
تلك الفضول. انتهى.
أقول: بيان
البحراني ; و إن كان له مناسبة مّا بالجهاد فإنّ المجاهد يعرض عن نفسه و
الدّنيا و ما فيها لكن إرادة هذا المعنى من قوله 7 لا يخلو من تكلف بل
بعيد جدّا غاية البعد و إلّا فإن من كلام إلّا و له مناسبات بعيدة و ملازمات غريبة
و الصواب أن يفسّر قوله 7 الاتي «لا تجتمع عزيمة و
وليمة» بهذا المعنى أو قريب منه. و لو قيل: فليكن هذه الجملة التالية قرينة
على ارادة ذلك المعنى من الأولى ردّ بلزومه التكرار و التأسيس خير منه و لو كان
تأكيدا. فتأمّل.
كنايه قوله
7: (لا تجتمع عزيمة و وليمة) أى من اهتمّ بأمر و اراد ارادة جازمة
على تحصيله و اقتنائه لابدّ أن يغضى عينه عن اللّذات و الدّعة و خفض العيش فكنى
بالوليمة عنها كما مضى و لا تقتنى الفضائل النفيسة إلّا بالكفّ عن اللّذائذ
النفسيّة و لا تنال درجات الكمال إلّا بمقاساة الشدائد و ركوب الأهوال