وثيق و لو رزقوا نور العلم و استمسكوا
بالعروة الوثقى لم يكونوا تائهى القلب متفرقى اللب في كلّ سانحة و عارضة اقبلت أو
أدبرت و كانوا كالجبل الراسخ لا تحركه العواصف، و لا يخفى حسن صنيعته 7
جمع بين التام و الناقص، و الماد و القصير و الزاكي و القبيح، و القريب و البعيد،
و المعروف و المنكر و ما روعى من السجع المتوازي بين قرينتى الاخيرين.
ثمّ اعلم ان
في هذا المقام اخبارا مروية عن أهل بيت العصمة و الطّهارة منقولة شرذمة منها في
كتاب الايمان و الكفر من الكافي لرئيس المحدثين ثقة الاسلام الكليني (ره) و ما ذكر
فيه من أبواب الطينات و بدء الخلائق و بيانها ينجرّ الى بحث طويل الذيل لانها صعب
مستصعب لا يحتمله إلّا ملك مقرّب أو نبى مرسل أو مؤمن امتحن اللّه قلبه للايمان و
كذا في المقام لعرفائنا الشامخين كلاما كانه سرّ ما في تلك الأخبار و هو على سبيل
الاجمال ان سر اختلاف الاستعدادات و تنوع الحقائق فهو تقابل صفات اللّه تعالى و
اسمائه الحسنى التي من أوصاف الكمال و نعوت الجلال و ضرورة تباين مظاهرها التي بها
يظهر أثر تلك الأسماء فكل من الاسماء يوجب تعلّق ارادته سبحانه و قدرته إلى إيجاد
مخلوق يدلّ عليه من حيث اتصافه بتلك الصفة فلا بدّ من إيجاد المخلوقات كلّها
اختلافها و تباين أنواعها لتكون مظاهر لأسمائه الحسنى جميعا و مجالي لصفاته العليا
قاطبة فلكل اسم من اسمائه الحسنى و صفة من صفاته العليا مظهر في الوجود العلمي و
العيني.
قال القيصري
في شرح الفصوص و كلّ واحد من الاقسام الأسمائية يستدعى مظهرا به يظهر أحكامها و هو
الأعيان فإن كانت قابلة لظهور الأحكام الأسمائية كلّها كالأعيان الإنسانيّة كانت
في كلّ آن مظهرا لشأن من شئونها و إن لم يكن قابلة لظهور أحكامها كلّها كانت
مختصّة ببعض الأسماء دون البعض كالأعيان الملائكة و دوام الأعيان في الخارج و عدم
دوامها فيها دنيا و آخرة يراجع إلى دوام الأسماء و عدم دوامها.