أقول: و من
تلك الأحوال المؤثرة في اختلاف الاشخاص اختلاف البقاع و الاقاليم و الأمكنة، لأنّ
مقادير الاسطقسات في المركّبات يختلف باختلاف عروض البلاد أي قربها من خطّ
الاستواء و بعدها عنه فهو يصير سببا لاختلاف مدار الشمس بحسب الافاق كما أنّ في
الافاق الاستوائية تتحرّك الشمس دولابيا و في القطبيين رحويا و ما بينهما حماليا و
الافاق التي عرضها أكثر من الميل الكلّي شماليّا كان أو جنوبيّا لا تسامت الشّمس
رءوس أهلها قطّ و الافاق الّتي عرضها بقدر الميل الكلي تسامتها في الدورة مرّة و
التي عرضها أقل و اتي عديم العرض تسامتها في الدورة مرتين حين كون ميل الشّمس أعني
بعده من معدل النهار مساويا لعرض تلك الافاق و في عديم العرض حين كونها على نقطتى
الاعتدال و قرب الشمس و بعدها مؤثر في أحوال أشخاص تلك الافاق كما في ترابها و
هوائها و نباتها و عامة ما يوجد فيها و هذا ممّا لا يليق أن يرتاب فيه فلذلك يكون
عامّة أهل الاقليم الاوّل السود، و عامّة أهل الاقليم الثّاني بين السواد و
السمرد، و عامّة أهل الثالث السمر، و عامّة أهل الرابع بين السمرة و البيض، و
عامّة أهل الخامس البيض و في الاقليم السّادس الغالب على أهله الشقرة، و أهل
السّابع لونهم بين الشّقرة و البياض.
و كما يكون
صفاتهم الظاهرية و ألوانهم مختلفة كذلك أمزجتهم متفاوتة متغيرة فلا محالة اختلاف
اللّون و المزاج حاك عن اختلاف من جهة تركيب الاخلاط فإن غلبة الدّم سبب لحمرة لون
البدن و غلبة البلغم سبب لبياضه و غلبة الصفراء لصفرته و غلبة السوداء لسواده و ما
بينها متوسطات مسميات باسامى الألوان الاخر كل ذلك مبرهنة بالبراهين القاطعة في
الكتب المفصّلة الطبيّة لا سيّما فى قانون الشّيخ الرّئيس أبي عليّ بن سينا و
شروحها.
ثمّ اختلفوا
فى أنّ أهل أي الاقليم أعدل مزاجا، و الصّواب أن أهل الاقليم الرّابع أعدل من
غيرهم فانهم لا محترقون بدوام مسامتة الشّمس رؤوسهم حينا بعد