أما بعد فاني قد أمّرت عليكما مالكا
فاسمعا له و اطيعا فانه مما لا يخاف رهقه و لا سقاطه و لا بطؤه عما الاسراع إليه
احزم و لا الاسراع إلى ما البطاء عنه امثل و قد امرته بمثل الّذي كنت امرتكما به
ألّا يبدأ القوم حتى يلقاهم فيدعوهم و يعذر إليهم.
أقول: قال
نصر في كتاب صفين باسناده عن عبد اللّه بن جندب عن أبيه، و كذا الطبري في تاريخه
باسناده عن عبد الرحمن بن جندب الازدي عن أبيه: أن عليّا 7 كان يأمرنا
في كلّ موطن لقينا معه عدوّه يقول:
لا تقاتلوا
القوم حتّى يبدؤكم فانكم بحمد اللّه على حجّة و ترككم إياهم حتى يبدؤكم حجة اخرى
لكم عليهم فاذا قاتلتموهم فهزمتموهم فلا تقتلوا مدبرا و لا تجهزوا على جريح و لا
تكشفوا عورة و لا تمثلوا بقتيل فاذا وصلتم إلى رحال القوم فلا تهتكوا سترا و لا
تدخلوا دارا إلا باذن و لا تأخذوا شيئا من أموالهم إلا ما وجدتم في عسكرهم و لا
تهيجوا امرأة بأذى و إن شتمن أعراضكم و تناولن امراءكم و صلحاءكم فانهن ضعاف القوى
و الانفس و لقد كنا و انا لنؤمر بالكف عنهنّ و انهن لمشركات و إن كان الرجل
ليتناول المرأة في الجاهلية بالهراوة أو الحديد فيعير بها عقبه من بعده.
أقول: يأتي
شرح كلامه 7 هذا في باب المختار من كتبه و رسائله بعون الملك الوهاب. و
قال الرضي رضي اللّه عنه قال 7 لعسكره قبل العدو بصفين.
قال نصر
باسناده عن الحضرمي قال سمعت عليا 7 عرض في النّاس في ثلاثة مواطن: في
يوم الجمل و يوم صفين و يوم النهروان فقال: عباد اللّه اتقوا اللّه عزّ و جلّ و
غضّوا الأبصار و اخفضوا الاصوات و اقلّوا الكلام و وطّنوا أنفسكم على المنازلة و
المجاولة و المبارزة و المعانقة و المكارمة و اثبتوا و اذكروا اللّه كثيرا لعلّكم
تفلحون و لا تنازعوا فتفشلوا و تذهب ريحكم و اصبروا إنّ اللّه مع الصابرين اللّهمّ
ألهمهم الصبر و أنزل عليهم النصر و أعظم لهم الأجر. و لنعد إلى قول الطبري:
و خرج الاشتر
حتّى قدم على القوم فاتبع ما أمره عليّ 7 و كف عن القتال فلم يزالوا
متواقفين حتى إذا كان عند المساء حمل عليهم أبو الاعور السلمى