على نقيض ما ذهبوا اليه مباحث رأينا
الاعراض عنها ههنا أجدر و لكن نكتفي بذكر بعض ما أورده الشارح المعتزلي في المقام
في المقام في ضمن بعض الخطب الماضي ناقلا عن الجاحظ ما تشمئزّ منها النفوس و يأبي
عنها الفطرة السليمة و عن شيخه أبى جعفر في جوابها ما لا يخلو عن الانصاف و
الاعتدال و نذكر بعض ما خطر ببالى فى المقام و اللّه ولىّ التوفيق و الهادي إلى
خير السبيل.
قال الشارح
المعتزلي: قال الجاحظ: فان احتج محتج لعليّ 7 بالمبيت على الفراش فبين
الغار و الفراش فرق واضح، لأن الغار و صحبة أبي بكر للنّبي 6
قد نطق به القرآن فصار كالصلاة و الزكاة و غيرهما ممّا نطق به الكتاب و أمر علىّ
7 و نومه على الفراش و إن كان ثابتا صحيحا إلّا أنّه لم يذكر في القرآن
و إنّما جاء مجيء الروايات و السير و هذا لا يوازن هذا و لا يكائله.
ثمّ قال: قال
شيخنا أبو جعفر: هذا فرق غير مؤثر لأنه قد ثبت بالتواتر حديث الفراش فلا فرق بينه
و بين ما ذكر فى نص الكتاب و لا يجحده إلّا مجنون أو غير مخالط لأهل الملّة، أرأيت
كون الصلوات خمسا و كون زكاة الذهب ربع العشر و كون خروج الريح ناقضا للطهارة و
أمثال ذلك مما هو معلوم بالتواتر حكمه هل هو مخالف لما نصّ فى الكتاب عليه من
الأحكام؟ هذا مما لا يقوله رشيد و لا عاقل.
على أن اللّه
تعالى لم يذكر اسم أبى بكر فى الكتاب و انما قال «إذ يقول لصاحبه» و إنما علمنا
انه أبو بكر بالخبر و ما ورد فى السيرة و قد قال أهل التفسير إن قوله تعالى: وَ
يَمْكُرُ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ كناية عن علىّ 7 لأنه مكر بهم و أوّل الاية وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا
لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ
اللَّهُ وَ اللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ انزلت فى ليلة الهجرة و مكرهم كان
توزيع السيوف على بطون قريش و مكر اللّه تعالى هو منام علىّ 7 على
الفراش فلا فرق بين الموضعين فى أنهما مذكوران كناية لا تصريحا، و قد روى
المفسّرون كلّهم ان قول اللّه تعالى: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ
ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ انزلت