الأصنام شفعاء عند اللّه فى الاخرة و
حجوا لها و نحروا لها الهدى و قربوا لها القربان و هم الذين قال اللّه تعالى عنهم: وَ قالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَ يَمْشِي
فِي الْأَسْواقِ إلى غير ذلك من المذاهب المشتّتة و الطرق
المتبددة و الاهواء السخيفة و الاراء الرديّة فكانوا بمعزل عن الحقّ و الصراط
المستقيم و النهج القويم بحيث تشمئز النفوس السليمة عن استماعها و كيف لا و بنو
الحنظلة و هم طائفة من العرب كانوا يصنعون بالرطب أصناما و يعبدونها أيّاما و لما
انصرم أوان الرطب أخذوا في أكلها حتّى لا يبقى من آلهتهم شيء. فبعث اللّه رسوله
الخاتم فهداهم به من الضّلالة و انقذهم بمكانه من الجهالة فدعاهم الرّسول 6 إلى سبيل ربه بالحكمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالتي هى أحسن و
أنار نفوسهم بنور العلم و المعرفة و اثار ما فطروا به فطرة اللّه الّتي فطر الناس
عليها و أوقد مصباح عقولهم باذن اللّه تعالى و أمره و وحيه و انزاله الرّوح المقدس
عليه فهداهم للتى هي أقوم حتّى انتبهوا و تيقّظوا من رقد الغفلة و الجهالة و
صدّقوا كلمته و أجابوا دعوته بان اللّه هو الحق و ان ما يدعون من دونه هو الباطل
فرزقوا السّعادة في الدّارين و بلغوا إلى ما بلغوا فلمّ اللّه به الصّدع و رتق به
الفتق و أجمعهم على كلمة واحدة هي كلمة الاخلاص أعني الكلمة الطيبة لا إله إلّا
اللّه و هي كلمة التّوحيد الجامعة لجميع الكمالات و الفضائل و الخيرات الدنيويّة و
الاخرويّة قد أفلح القائل بها.
و ممّا يليق
ان نذكر في المقام أنموذجا من تنبّههم كما في السيرة الهشاميّة و الحلبية ان
الأنصار لما قدموا المدينة أظهروا الاسلام و تجاهروا به و كان عمرو بن الجموح من
سادات بني سلمة «بكسر اللام» و اشرافهم و لم يكن اسلم و كان ممّن اسلم ولده معاذ
بن عمرو و كان لعمرو بن الجموح في داره صنم من خشب يقال له المناة لان الدماء كانت
تمنى أي تصبّ عنده تقربا إليه و كان يعظّمه فكان فتيان قومه ممّن أسلم كمعاذ بن
جبل و ولده عمرو بن معاذ و معاذ بن عمرو يدلجون بالليل على ذلك الصّنم فيخرجونه من
داره و يطرحونه في بعض الحفر الّتي فيها خرء النّاس منكسا فإذا أصبح عمرو قال و
يحكم من عدا على الهنا هذه اللّيلة ثمّ يعود يلتمسه حتّى