اعلم أنّ هذه
الخطبة مسوقة لوصف حال عباد اللّه الصّالحين و أوليائه الّذين لا خوف عليهم و لا
هم يحزنون، و ختمها بالذّكرى و الموعظة و افتتحها بالشّهادة بعدل اللّه عزّ و جلّ
و فصله ثمّ بنعت رسول اللّه 6 و تزكية نسبه و أصله
فقال:
مجاز (و أشهد
أنّه عدل عدل) قال الشّارح المعتزلي: الضمير في أنّه راجع إلى القضاء و القدر
المذكور في صدر هذه الخطبة و لم يذكره الرّضي ;، قال:
و نسبة العدل إلى القضاء
على طريق المجاز، و هو بالحقيقة منسوب إلى ذي القضاء و القاضى به هو اللّه تعالى
اه، و محصّله أنّه تعالى عدل مبالغة أو عادل حقيقة في جميع أفعاله و أحكامه لكون
الظلم قبيحا عقلا و نقلا فيستحيل في حقّه.
قال الشّارح
البحراني: و الباري تعالى عادل بالنظر إلى حكمه و قضائه أى لا يقضى في ملكه بأمر
إلّا و هو علي وفق النّظام الكليّ و الحكمة البالغة، و يدخل في ذلك جميع أفعاله و
أقواله، فانّه لا يصدر منها شيء إلّا و هو كذلك و أما الجزئيات المعدودة شرورا و
صورة جور في هذا العالم، فانّها إذا اعتبرت شرورا نسبة و مع ذلك فهى من لوازم
الخير و العدل لابدّ منها، و لا يمكن أن يكون الخير و العدل من دونها كما لا يمكن
أن يكون الانسان إنسانا إلّا و هو ذو غضب و شهوة يلزمهما الفساد و الشرّ الجزئي، و
لمّا كان الخير أكثر و كان ترك خير الكثير لأجل الشرّ القليل شرّا كثيرا في الجود
و الحكمة وجب تلك الشّرور الجزئية لوجود ملزوماتها، و أشار بقوله عدل إلى ايجاد
العدل بالفعل، انتهى.
(و حكم
فصل) أى حاكم بالحقّ فصل بين الحقّ و الباطل
بما بعث به رسوله من كتابه العزيز، و إنّه لقول فصل و ما هو بالهزل، و يفصل أيضا
بين عباده يوم القيامة فيما هم فيه يختلفون كما قال عزّ من قائل «إنّ يوم الفصل
كان ميقاتا» و قال «إنّ ربّك هو يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون»
أى يقضى فيميّز الحقّ من الباطل تمييز المحقّ من المبطل و الطيّب من الخبيث فيما
كانوا يختلفون فيه