و أخبرهم أنهم قالوا عليه الكذب و سمّى
ذلك منهم فاحشة و فيه من تفسير علىّ بن إبراهيم بسنده عن طلحة بن زيد عن جعفر بن
محمّد 8 عن أبيه قال: الأئمة فى كتاب اللّه إمامان قال اللّه وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لا بأمر الناس يقدّمون أمر اللّه قبل أمرهم و حكم اللّه قبل حكمهم،
قال: «و جعلناهم أئمّة يدعون إلى النار» يقدّمون أمرهم قبل أمر اللّه و حكمهم قبل
حكم اللّه، و يأخذون بأهوائهم خلافا لما فى كتاب اللّه.
و الحاصل انه
7 بمقتضى ملكة العصمة التي فيه إنما يأمر بالعدل و الاحسان و ينهى عن
الفحشاء و المنكر و البغى تبعا لأمر اللّه، لأنه و الأئمة من صلبه :
محالّ مشيّة اللّه و ما يشاءون إلّا أن يشاء اللّه و هم بأمره يعملون.
و قوله 7 (و المصلحة غير المفسدة فى الدّين و الدّنيا) أى فيها
صلاح حال السامعين فى الدارين و انتظام امورهم فى النشأتين.
أما فى الاخرة
فلأنّ الجهاد باب من أبواب الجنّة فتحه اللّه لخاصّة أوليائه و هو لباس التقوى و
درع اللّه الحصينة و جنّته الوثيقة، حسبما عرفته فى الخطبة السابعة و العشرين، ففى
نهوضهم إلى قتال القاسطين عقيب استنهاضه 7 امتثال لأمر اللّه، إعزاز
الدين اللّه، تحصيل لرضوان اللّه تعالى شأنه، و فى تقاعدهم عنه سخط عظيم و عذاب
أليم.
و أما فى
الدّنيا فلأنّ مبارزة الأقران من عادة الأبطال و الشجعان و المنع من الذمار من
آثار الفتوّة و شعار المروّة و المجاهد فى سبيل اللّه ينتظر من اللّه إحدى
الحسنيين إمّا الظفر و الغنيمة أو الشهادة الموجبة للذكر الجميل و الثناء الباقى،
و النكوص عن الجهاد محصّل للخذلان معقّب للهوان و عار فى الأعقاب و نار يوم
الحساب، فمن تركه رغبة عنه ألبسه اللّه ثوب الذلّ و شمله البلاء و ديّث بالصغار و
القماء هذا و تعقيب المصلحة بغير المفسدة إما من باب التأكيد
أيضا أو تعريضا على الطرف المقابل أعنى معاوية اللّعين الذى كان يستنهضهم إلى
حربه، فانّ نظر ذلك اللّعين فى جميع مقالاته و كلماته لم يكن إلّا إلى شقّ عصا
الاسلام و إفساد حال المسلمين و هدم