أ لست ترى رسول اللّه 6 كيف قسّم قسايم هو اذن على المنافقين و على أعدائه الّذين يتمنّون قتله
و موته و زوال دولته فلمّا اعطوه أحبّوه إمّا كلّهم أو أكثرهم، و من لم يحبّه منهم
بقلبه جاهله و داره و كفّ عن إظهار عداوته و الاجلاب عليه.
و لو أنّ
أمير المؤمنين 7 صانع أصحابه بالمال و إعطاء الوجوه و الرّؤساء لكان
أمره إلى الانتظام أقرب، و لكنّه رفض جانب التّدبير الذي بنوا و آثر لزوم الدّين و
تمسّك بأحكام الشّريعة، و الملك أمر آخر غير الدّين فاضطرب عليه أصحابه و هرب كثير
منهم إلى عدوّه.
قال الشّارح
المعتزلي: و قد ذكرت في هذا الفصل خلاصة ما حفظته عن النقيب أبي جعفر و لم يكن
إماميّ المذهب و لا كان يبرء من السّلف و لا يرتضى قول المسرفين من الشّيعة، و
لكنّه كلام أجراه على لسانه البحث و الجدل بيني و بينه على أنّ العلوى لو كان
كراميّا لابدّ أن يكون عنده نوع من تعصّب و ميل على الصحابة و إن قلّ، انتهى.
و أقول: للّه
درّ النقيب فلقد أجاد فيما أفاد و جانب العصبية و العناد و أبان عن مخّ ما يقوله
الفرقة الحقّة الامامية و تذهب إليه و تدين به ببيان ليس فوقه بيان، و قد اتّضح
بما ذكره كلّ الوضوح أنّ عمر كان دائما في مقام المعارضة لرسول اللّه 6 و الطعن و الازراء عليه و الرّد لأقواله و أفعاله في حياته 6 و بعد موته، و أنه أنكر النصّ على خلافة أمير المؤمنين
7 و أوّله بتأويلات سخيفة بأحاديثه المختلقة المجعولة و معاذيره الباطلة،
كما اتّضح أنّ نكتة زهده في الدّنيا إنما كانت حبّ الملك و الرّياسة و نفوذ الأمر
لا الزّهد الحقيقي الذي أوهمه للناس و ظنه في حقّه الهمج الرّعاء، فويل له ثمّ ويل
له من ديّان يوم الدّين، و لعنة اللّه على جميع الظالمين و الغاصبين لحقّ آل محمّد
سلام اللّه عليهم أجمعين