فمن بلغت قوّته و همّته إلى هذا كيف ينكر
منه أن يبايع أبا بكر لمصلحة رآها و يعدل عن النّص و من الّذي ينكر عليه ذلك و هو
في القول الّذى قاله للرسول 6 في وجهه غير خائف من
الأنصار و لا أنكر عليه رسول اللّه و لا غيره و هو أشدّ من مخالفة النّص في
الخلافة و أفظع و أشنع.
قال النّقيب:
على أنّ الرّجل ما أهمل أمر نفسه بل أعدّ أعذارا و أجوبة.
و ذلك لأنّه
قال لقوم عرضوا له الحديث النّص أنّ رسول اللّه رجع عن ذلك باقامته ابا بكر في
الصّلاة مقامه و أوهمهم أنّ ذلك جار مجرى النّص عليه بالخلافة، و قال يوم
السّقيفة: أيّكم يطيب نفسا أن يتقدّم قدمين قدّمهما رسول اللّه 6 في الصّلاة.
ثمّ أكّد ذلك
بأن قال لأبي بكر و قد عرض عليه البيعة: أنت صاحب رسول اللّه 6 في المواطن كلّها شدّتها و رخاتها، رضيك لديننا أفلا نرضاك لدنيانا.
ثمّ عاب عليّا
بخطبة بنت أبي جهل فأوهم أنّ رسول اللّه 6 كرهه لذلك و
وجد عليه و أرضاه عمرو بن العاص فروى حديثا افتعله و اختلقه على رسول اللّه 6 قال: سمعته يقول: إنّ آل أبي طالب ليسوا لي بأولياء إنّما
وليّي اللّه و صالح المؤمنين فجعلوا ذلك كالناسخ لقوله 6 من كنت مولاه فهذا مولاه.
قلت للنقيب:
أيصحّ النّسخ في مثل هذا أليس هذا نسخا للشيء قبل تقضّى وقته؟
فقال: سبحان
اللّه من أين تعرف العرب هذا و أنّى لها أن يتصوّره فضلا عن أن تحكم بعدم جوازه فهل
يفهم حذاق الأصوليّين هذه المسألة فضلا عن حمقى العرب؟ هؤلاء قوم ينخدعون بأدنى
شبهة و يستمالون بأضعف سبب و يبنى الامور معهم على ظواهر النّصوص و أوائل الأدلّة
و هم أصحاب جمل و تقليد لا أصحاب تفصيل و نظر.
قال: ثمّ
أكّد حسن ظنّ النّاس بهم أن خلعوا أنفسهم عن الأموال و زهدوا في