و اعلموا عباد اللّه أنّكم و ما أنتم
فيه من هذه الدّنيا على سبيل من قد مضى قبلكم ممّن كان أطول منكم أعمارا، و أعمر
ديارا، و أبعد آثارا، أصبحت أصواتهم هامدة، و رياحهم راكدة، و أجسادهم بالية، و
ديارهم خالية، و آثارهم عافية، فاستبدلوا بالقصور المشيّدة، و النّمارق الممهّدة،
الصّخور و الأحجار المسنّدة، و القبور اللّاطئة الملحدة، الّتي قد بني بالخراب
فناءها، و شيّد بالتّراب بنائها، فمحلّها مقترب، و ساكنها مغترب، بين أهل محلّة
موحشين، و أهل فراغ متشاغلين، لا يستأنسون بالأوطان، و لا يتواصلون تواصل الجيران،
على ما بينهم من قرب الجوار، و دنوّ الدّار.
و كيف يكون
بينهم تزاور و قد طحنهم بكلكله البلى، و أكلتهم الجنادل و الثّرى، و كأن قد صرتم
إلى ما صاروا إليه، و ارتهنكم ذلك المضجع، و ضمّكم ذلك المستودع، فكيف بكم لو
تناهت بكم الامور، و بعثرت القبور، هنالك تبلو كلّ نفس ما أسلفت و ردّوا إلى اللّه
موليهم الحقّ و ضلّ عنهم ما كانوا يفترون.
اللغة
(سلم)
المسافر يسلم من باب تعب نجا و خلص من الافات و (تارات)