و على كونه
مضارع جاز فالمعنى أنّه لم يسغ و لا يرخّص ذلك اليوم لأحد من المكلّفين في حركة من
الحركات المحقّرات المستصغرات إلّا إذا كانت قد فعلها بحقّ.
و على كونه
مضارع جار بالرّاء المهملة فالمعنى أنّه لم يذهب عنه سبحانه و لم يضلّ و لم يشذّ
عن حسابه شيء من محقرات الامور إلّا بحقّه أى إلّا ما لا فايدة في اثباته و
المحاسبة عليه نحو الحركات المباحة هكذا في شرح المعتزلي.
و يظهر من بعض
الشروح رواية رابعة و هو كونه مضارع جزى بالزّاء المعجمة بصيغة المجهول حيث قال:
قوله فلم يجز في عدله آه أى لا يجزى أحد يومئذ و لا يكافئ إلّا بما
يستحقّه من الثّواب و العقاب.
و على هذه
الرّواية فيكون مساقه مساق قوله تعالى فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً
وَ لا تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ و على أىّ تقدير
فالغرض الاخبار عن عموم عدله تعالى في مظالم النّاس على أنفسهم و على غيرهم، و قد
مضي في شرح الخطبة المأة و الخامسة و السّبعين ما ينفعك ذكراه في هذا المقام.
(فكم حجّة
يوم ذاك داحضة) أى لم يبق للنّاس على اللّه حجّة بعد الرّسل و إنّما
هلك من هلك عن بيّنة و حيّ من حيّ عن بيّنة (و علائق عذر منقطعة) فلا ينفع
الّذين ظلموا معذرتهم و لا هم يستعتبون.
(فتحرّ من
أمرك ما يقوم به عذرك و تثبت به حجّتك) أى اطلب و اعتمد من أمورك و أفعالك في
الدّنيا ما به قوام اعذارك المقبولة يوم القيامة و ما به ثبات حججك الصحيحة يومئذ
و هو أمر بتحصيل الكمالات النّفسانية و مواظبة التّكاليف الشّرعيّة و ملازمة سنن
الشّريعة، إذ الأعذار الشّرعية مقبولة البتة و كذلك الحجج البرهانيّة الموافقة
لأساس الشّريعة.
(و خذ ما
يبقى لك) و هو الاخرة و نعيمها الباقي (ممّا لا تبقى له) و هو
الدّنيا