أولا أنّ قوله: إنّ هذا الكلام قد نقل عن
أمير المؤمنين 7 ما يناسبه و يجرى مجراه و لم يورّخ الوقت الّذى قاله
فيه و لا الحالة الّتي عناها.
فيه إنّ
تاريخ هذا الكلام بخصوصه هو أواخر خلافته بعد فتح مصر و شهادة محمّد بن أبي بكر، و
نظره فيه إلى مجلس الشّورى و عدولهم عنه إلى عثمان حسبما ظهر لك ذلك في شرح الخطبة
السّادسة و العشرين عند ما روينا عنه 7 تمام الخطبة الّتي هذا الكلام
ملتقط منها.
و العجب أنّ
الشّارح المعتزلي رواها أيضا في شرح الكلام السّابع و الستين من كتاب الغارات كما
روينا منه لكنّه أسقط صدرها اختصارا أو اقتصارا فلعلّه نسي ما قدّمه فجهل التّاريخ.
و أعجب من
ذلك أنّ الشّارح البحراني لقصور باعه و قلّه اطّلاعه على الأخبار و السيّر توهّم
أنّه 7 عني به السّايرين إلى البصرة حيث قال: و يشبه أن يكون صدور هذا
الكلام منه حين خروج طلحة و الزّبير إلى البصرة تظلّما عليهما فيكون المفهوم من
قوله 7: و أجمعوا على منازعتى حقّا إنكار إجماعهم منازعة ذلك الحقّ،
هذا.
و أمّا ما
يجرى مجرى هذا الكلام و يناسبه فتاريخه بعد يوم السّقيفة إلى آخر عمره كما يقف
عليه المتتبّع الخبير بالأخبار و النّاقد البصير بما قدّمناه في تضاعيف الشرح في
غير موضع.
و ثانيا أنّ
ما حكاه من أكثر أصحابه المعتزلة من كراهتهم حمل أمثال هذا الكلام على التّألم من
يوم السقيفة و عدم استنكافهم لحملها على التّظلم من يوم الشورى.
ففيه أنّ
التفرقة بين اليومين شطط من الكلام كما اعترف به الشّارح نفسه أيضا و اعترض به على
أصحابه، و ذلك لأنّ كلماته المتضمّنة للتّظلم و الشكاية من جميع الثلاثة فوق حدّ
الاحصاء متجاوزة عن طور الاستقصاء، و ليس كلّها مجملا قابلا للحمل على يوم الشورى
على زعمهم، بل أكثرها نصّ في التظلّم من الشيخين