و ظهرت مطامع الجور و كثر الادغال في
الدّين و تركت معالم السنن، فعمل بالهوى و عطلت الاثار و كثرت علل النفوس و لا
يستوحش لجسيم حدّ عطل و لا لعظيم باطل اثل، فهنا لك تذلّ الأبرار، و تعزّ الأشرار،
و تخرب البلاد، و تعظم تبعات اللّه عزّ و جلّ عند العباد.
فهلمّ أيّها
الناس إلى التعاون على طاعة اللّه عزّ و جلّ و القيام بعد له و الوفاء بعهده و
الانصاف له في جميع حقّه، فانه ليس العباد إلى شيء أحوج منهم إلى التناصح في ذلك
و حسن التعاون عليه، و ليس أحد و إن اشتدّ على رضاء اللّه حرصه و طال في العمل
اجتهاده ببالغ حقيقة ما أعطى اللّه من الحقّ أهله، و لكن من واجب حقوق اللّه عزّ و
جلّ على العباد النصيحة له بمبلغ جهدهم، و التعاون على اقامة الحقّ بينهم.
و ليس امرء و
إن عظمت في الحقّ منزلته و جسمت في الخلق فضيلته بمستغن عن أن يعان على ما حمله
اللّه عزّ و جلّ من حقّه، و لا لامرؤ مع ذلك خسأت به الأمور و اقتحمته العيون بدون
ما أن يعين على ذلك أو يعان عليه و أهل الفضيلة في الحال و أهل النعم العظام أكثر
من ذلك حاجة و كلّ في الحاجة إلى اللّه عزّ و جلّ شرع سواء «فأجابه 7
رجل من عسكره لا يدرى من هو و يقال: إنّه لم ير في عسكره قبل ذلك اليوم و لا بعده،
فقام و أحسن الثناء على اللّه عزّ و جلّ بما أبلاهم و أعطاهم من واجب حقّه عليهم و
الاقرار بما ذكر من تصرّف الحالات به و بهم ثمّ قال:
أنت أميرنا و
نحن رعيتك بك أخرجنا اللّه عزّ و جلّ من الذلّ و باعزازك اطلق على عباده من الغل،
فاختر علينا فامض اختيارك و ائتمر فامض ائتمارك فانّك القائل المصدّق و الحاكم
الموفق و الملك المخول لا نستحلّ في شيء من معصيتك و لا نقيس علما بعلمك يعظم
عندنا في ذلك خطرك و يجلّ عنه في أنفسنا فضلك».
فأجابه أمير
المؤمنين 7: إنّ من حقّ من عظمّ جلال اللّه في نفسه و عظم موضعه