جسومها حتّى يملك قلوبها فتحبّه، و لن
تحبّه حتّى يعدل عليها في أحكامه عدلا يتساوى فيه الخاصّة و العامّة و حتّى يخفّف
عنها المؤن و الكلف، و حتّى يعفيها من رفع أوضاعها و أراذلها عليها، و هذه
الثّالثة تحقد على الملك العلية من الرّعيّة و تطمع السّفلة في الرّتب السنّية.
و كان يقال:
الرّعية ثلاثة أصناف: صنف فضلاء مرتاضون بحكم الرّياسة و السّياسة يعلمون فضيلة
الملك و عظيم غنائه و يرثون له من ثقل أعبائه فهؤلاء يحصل الملك موادّتهم بالبشر
عند اللّقاء و يلقى أحاديثهم بحسن الاصغاء، و صنف فيهم خير و شرّ فصلاحهم يكتسب من
معاملتهم بالتّرغيب و التّرهيب، و صنف من السّفلة الرّعاع أتباع لكلّ راع لا
يمتحنون في أقوالهم و أفعالهم بنقد و لا يرجعون في الموالاة إلى عقد.
و كان يقال:
ترك المعاقبة للسّفلة على صغاير الجرائم تدعوهم إلى ارتكاب الكباير العظائم ألا
ترى أوّل نشوز المرأة كلمة سومحت بها، و أوّل حران الدّابة حيدة سوعدت عليها.
و كان يقال:
إذا لم يعمر الملك ملكه بانصاف الرّعيّة خرب ملكه بعصيان الرّعيّة.
قيل
لأنوشيروان: أىّ الجنن أوقى؟ قال: الدّين، قيل: فأىّ العدوّ أقوى؟
قال: العدل.
و في شرح
المعتزلي جاء رجل من مصر إلى عمر بن الخطاب متظلّما فقال يا أمير المؤمنين هذا
مكان العائذ بك قال: لو عذت بمكان ما شانك؟ قال: سابقت ولد عمرو بن العاص بمصر
فسبقته فجعل يعنفني بسوطه و يقول: أنا ابن الأمير.
و بلغ أباه
ذلك فحبسنى خشية أن اقدم عليك، فكتب إلى عمرو: إذا أتاك كتابى هذا فاشهد الموسم
أنت و ابنك، فلمّا قدم و عمرو و ابنه دفع الدرّة إلى المصري و قال: اضربه كما
ضربك، فجعل يضربه و عمر يقول: اضرب ابن الأمير اضرب ابن الامير يردّدها حتّى قال
يا أمير المؤمنين قد استقدت منه فقال و أشار إلى عمرو: