(فعليكم بالتناصح فى ذلك و حسن
التعاون) عليه أى بنصيحة بعضكم لبعض و إعانة كلّ منكم
لاخر فى سلوك نهج الحقّ و إقامة أعلامه.
و أكّد
الزامهم بالتّناصح و التعاون بقوله: (فليس أحد و إن
اشتدّ على رضاء اللّه حرصه و طال فى العمل اجتهاده) و سعيه (ببالغ
حقيقة ما اللّه أهله من الطاعة له) أى لا يمكن لأحد أن يبلغ مدى عبادة اللّه و
حقيقة طاعته و إن أتعب فيها نفسه و بذل جهده و بلغ كلّ مبلغ.
(و لكن من
واجب حقوق اللّه على العباد «عباده» النصيحة) أى نصيحة بعضهم
لبعضهم (بمبلغ جهدهم و التعاون على إقامة الحقّ بينهم) بقدر ما يمكنهم
لا بقدر ما هو أهله و يستحقّه، فانّ ذلك غير ممكن.
و لمّا حثّ
على التعاون و التناصح أردفه بقوله: (و ليس امرء و ان
عظمت فى الحقّ منزلته و تقدّمت فى الدّين فضيلته بفوق أن يعان على ما حمّله اللّه
من حقّه) و دفع بذلك ما ربما يسبق إلى بعض الأوهام من أنّ البالغ إلى مرتبة
الكمال فى الطّاعة و الحايز قصب سبق الفضيلة كمثله 7 و ساير ولاة العدل
أىّ حاجة له إلى المعين.
وجه الدّفع
أنّ البالغ إلى مرتبة الكمال أىّ مرتبة كانت و المتقدّم فى الفضيلة أىّ فضيلة تكون
لا استغناء له عن المعين و لا مقامه أرفع من أن يعان على ما حمله اللّه تعالى و
كلّفه به من طاعته الذى هو حقه.
و ذلك لأنّ
من جملة التكاليف ما هو من عظائم الامور كالجهاد فى سبيل اللّه و اقامة الحدود و
نشر الشرائع و الأحكام و جباية الصدقات و الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر و نحو
ذلك مما هو وظيفة الامام و نايبه، و معلوم أنه محتاج فى هذه التكاليف و ما ضاهاها
إلى إعانة الغير البتّة.
ثمّ أردفه
بقوله (و لا امرؤ و إن صغّرته النفوس و اقتحمته) أى احتقرته (العيون
بدون أن يعين على ذلك أو يعان عليه).
و دفع بذلك
ما ربما يسبق إلى بعض الأوهام أيضا من أنّ بعض الناس من