جميع مقضيّاته و مقدّراته لا يسأل عمّا
يفعل و هم يسألون، نعم هو مقتضى التّفضّل، و التّفضّل ليس بلازم عليه فلا يثبت
لعباده باطاعتهم له حقّ لهم عليه، هكذا ينبغي أن يفهم المقام.
و قد تاه فيه
أفهام الشرّاح فمنهم من طوى عن تحقيقه كشحا و منهم من خبط فيه خبطة عشواء، فانظر
ما ذا ترى.
و قريب ممّا
حققناه ما قاله العلّامة المجلسى فى البحار حيث قال فى شرح ذلك: و الحاصل أنه لو
كان لأحد أن يجعل الحقّ على غيره و لم يجعل له على نفسه لكان هو سبحانه أولى بذلك،
و استدلّ على الأولويّة بوجهين:
الأوّل
القدرة، فانّ غيره تعالى لو فعل ذلك لم يطعه أحد و اللّه قادر على جبرهم و قهرهم و
الثاني أنه لو لم يجزهم على أعمالهم و كلّفهم بها لكان عادلا لأنّ له من النعم على
العباد ما لو عبدوه أبدا الدّهر لم يوفوا حقّ نعمة واحدة هنها، انتهى فقد علم بذلك
كلّه أنه عزّ و جلّ ليس بمقتضى عدله لأحد عليه حقّ.
(و لكنه) عزّ شأنه مع
ذلك قد (جعل) له على عباده حقا و لهم عليه كذلك بمقتضى انعامه و فضله
فجعل (حقه على العباد أن يطيعوه) و يوحّدوه (و جعل
جزاءهم) لم يقل حقّهم رعاية للأدب و دفعا لتوهّم الاستحقاق أى جعل جزاء
طاعتهم (عليه مضاعفة الثواب) كما قال تعالى فَأَمَّا
الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَ
يَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ و قال مَثَلُ الَّذِينَ
يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ
سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَ اللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ.
(تفضّلا
منه و توسعا بما هو من المزيد أهله) فيه تنبيه على أنّ الحقّ الذى جعل لهم عليه
أعظم مما أتوا به مع عدم كونه من جهة الاستحقاق بل لمحض التفضل و الانعام بما هو
أهله من الزّيادة و التوسعة.
و لما بيّن
حقّ اللّه على عباده و هو الحقّ الذى له لنفسه عقّبه ببيان حقوق الناس بعضهم على
بعض فقال: