و الأوّل أظهر
(و لا ملتبسا عقلى) أى مختلطا بالجنون (و لا معذّبا بعذاب الامم من قبلي) أى
بالمسخ و الخسف و الصّاعقة و الظلّة و نحوها.
و لمّا حمد
اللّه تعالى على ما أنعم به عليه من ضروب نعمه الّتي عددها أردفه بالاعتراف بالذّل
و التقصير و الاستكانة و قال:
(أصبحت
عبدا مملوكا) أى صرت داخرا ذليلا في قيد العبوديّة (ظالما لنفسي) لأجل
التّقصير في طاعته و عدم التّمكّن من القيام بوظايف عبادته على ما يليق بحضرته عزّ
و جلّ و إن كان ما أتى به فوق عبادة جميع البشر ما خلا رسول اللّه 6 و قد قال رسول اللّه 6 فيما رواه في
الوسائل من الكافى باسناده عن أبي عبيدة الحذاء عن أبي جعفر 7 عنه 6 قال اللّه عزّ و جلّ: لا يتّكل العاملون لي على أعمالهم
الّتي يعملونها لثوابي فانّهم لو اجتهدوا و أتعبوا أنفسهم في عبادتي كانوا مقصّرين
غير بالغين في عبادتهم كنه عبادتي فيما يطلبون عندى من كرامتي و النعيم في جنّاتى
و رفيع الدّرجات العلى فى جوارى، و لكن برحمتى فليثقوا، و فضلى فليرجوا، و إلى حسن
الظنّ بى فليطمئنّوا، الحديث.
و فى البحار
من كتاب فتح الأبواب عن الزّهرى قال: دخلت مع علىّ بن الحسين 8 على
عبد الملك بن مروان قال: فاستعظم عبد الملك ما رأى من أثر السّجود بين عينى عليّ
بن الحسين 8 فقال: يا با محمّد لقد بيّن عليك الاجتهاد و لقد سبق لك
من اللّه الحسنى و أنت بضعة من رسول اللّه 6 قريب
النّسب و كيد السّبب و انّك لذو فضل عظيم على أهل بيتك و ذوى عصرك و لقد اوتيت من
العلم و الفضل و الدّين و الورع ما لم يؤته أحد مثلك و لا قبلك إلّا من مضى من
سلفك- و اقبل يثنى عليه يطريه- قال فقال عليّ بن الحسين 7: كلّما ذكرته
و وصفته من فضل اللّه سبحانه و تأييده و توفيقه فأين شكره على ما أنعم يا أمير
المؤمنين كان رسول اللّه 6 يقف في الصلاة حتى ترم
قدماه و يظمأ في الصيام حتي يصعب فوه، فقيل له: يا رسول اللّه ألم يغفر لك اللّه
ما تقدّم من ذنبك و ما تأخّر، فيقول 6: