و قد روى عن أمير المؤمنين 7
أنه قال: بقية عمر المؤمن لا ثمن لها يدرك بها ما فات و يحيى بها ما مات.
و قال بعضهم:
الدّنيا أحبّ إلىّ من الجنة لأنّى فيها مشغول بعبادة ربّى و فى الجنة مشغول بلذة
نفسى، و بين الأمرين بون بائن، و من حيث إنها حلوة خضرة حفت بالشهوات و تجلّبت
بالامنيات ضرّارة غرّارة تزينت بغرورها و غرّت بزينتها مهانة على ربها مبغوضة إليه
تعالى، و لذلك لم يصفها لأوليائه و لم يضن بها على أعدائه فهى أهون عند أهل
المعرفة و أخسّ و أحقر من عراق خنزير فى يد مجذوم، و الموت أحبّ إليهم من هذه
الجهة لايصاله إلى الدار الاخرة و بما حققنا علم سرّ ثنائه على سلامته كما أشار
إليه بقوله (و لا سقيما) مضافا إلى أنّ فى حالة المرض احتمال فوات بعض
العبادات أو فوات كمالاتها و ان كان المريض معذورا فيها، و أما حالة الصحّة ففيها
تكميل العبادة و العبودية فهى نعمة عظيمة حريّة بأن يحمد عليها.
كنايه (و لا
مضروبا على عروقى بسوء) أى على أعضائى بافة توجب سوء المنظر و قبحه كالجذام و
البرص و نحوهما و قال الشّارح المعتزلي أى و لا أبرص و العرب تكنّي عن البرص
بالسّوء، و في أمثالهم: ما انكرك من سوء، أى ليس انكارى لك عن برص حدث بك فغيّر
صورتك، و أراد بعروقه أعضاءه، و يجوز أن يريد و لا مطعونا في نسبي و الأوّل أظهر
انتهى.
(و لا
مأخوذا بأسوء عملى) أى معاقبا بأقبح ذنوبي كنايه (و لا مقطوعا
دابرى) أى عقبى و آخرى و هو كناية عن انقراض نسله بالاستيصال و محو اسمه و
اندراس أثره و رسمه (و لا مرتدّا عن ديني و لا منكرا لربّى) عطف الثّاني
على الأوّل من قبيل ذكر الخاص بعد العام لمزيد الاهتمام و أنّ الارتداد قد يكون
بانكار الضّروريّات من دون الجحود (و لا مستوحشا من ايماني) أى غير
مستأنس به و متنفّرا عنه، أو شاكّا في كونه مستقرّا أو مستودعا لأنّ الشكّ في
العقيدة يوجب الوحشة،