(فعليه) أى على ذلك
العقد (يتحابّون و به يتواصلون) لأنّ الأرواح جنود مجندّة ما تعارف
منها ائتلف و ما تخالف منها اختلف كما في النّبوى 6.
فقد قيل: إنّ
المراد به انّ الأرواح خلقت مجتمعة على قسمين مؤتلفة و مختلفة كالجنود الّتي يقابل
بعضها بعضا ثمّ فرّقت في الأجساد، فإذا كان الايتلاف و المواخات أوّلا كان التعارف
و التوالف بعد الاستقرار في البدن و إذا كان التناكر و التخالف هناك كان التنافر و
التناكر هناك.
و لعله إلى
ذلك ينظر ما رواه في الكافي عن حمزة بن محمّد الطيار عن أبيه عن أبي جعفر 7 قال: لم تتواخوا على هذا الأمر إنّما تعارفتم عليه.
و مثله عن
ابن مسكان و سماعة جميعا عن أبي عبد اللّه 7 قال: لم تتواخوا على هذا
الأمر و إنما تعارفتم عليه.
يعنى أنّ
المواخاة على الولاية و الاخوّة في الايمان كانت ثابتة بينكم في عالم الأرواح و لم
تقع هذا اليوم و في هذه النشأة و إنّما الواقع في هذه النّشأة هو التعارف الكاشف
عن مواخاة عالم الأرواح الناشي منه.
تشبيه
المعقول بالمعقول- استعاره مرشحة- استعاره مجردة (فكانوا) في تفاضلهم
على ساير الناس (كتفاضل البذر) و هو أوّل ما يعزل من البذر للزراعة من
الحبوب (ينتقى) و يزكى (فيؤخذ منه) الرّدى (و يلقى) فلا يبقى
منه إلّا الجيّد الخالص (قد ميّزه) الانتقاء و (التّخليص و هذّبه
التّمحيص) و التّميز.
و محصّله أنّ
تفاضلهم كتفاضل البذر المنتقى جيّده و الملقى ردّيه، و هو من تشبيه
المعقول بالمعقول، و تعقيبه بالانتقاء و الالقاء ترشيح لأنّهما من خواصّ المسند به
و بالتّخليص و التّمحيص تجريد لكونهما من ملايمات المشبّه، فهو من
قبيل التّشبيه المرشّح المجرّد، و قد مرّ توضيحه في ديباجة الشرح عند ذكر أقسام
الاستعارات.
و قد وقع
نظير هذا التّشبيه في حديث أبي عبد اللّه 7 المروىّ في البحار