ثمّ استدرك بقوله
(و بلى إن شئت بلغت بها الاخرة) يعنى أنّك بعد ما فرطت في
توسعتها و بنائها يمكن لك تدارك ذلك بأن تجعلها بلاغا و وصلة و وسيلة إلى اتّساع
الدّار الاخرة بأن (تقرى فيها الضّيف و تصل فيها الرّحم) و القرابة (و تطلع منها الحقوق مطالعها) أى تخرج فيها الحقوق الماليّة الواجبة و المندوبة من الخمس و
الزّكاة و الصّدقات و صنايع المعروف و الحقّ المعلوم للسائل و المحروم و ساير وجوه
البرّ المقرّبة إلى اللّه سبحانه و تضعها في مواضعها اللايقة و تصرفها في مصارفها
المستحقّة.
و قال الشارح
البحراني: مطالع الحقوق وجوهها الشرعيّة المتعلّقة به كالزّكاة و الصّدقة و
غيرهما، و الأظهر بل الأولى ما ذكرناه.
و كيف كان
فالمراد أنّك إن أتيت فيها بالقربات و الحسنات و أقمت باخراج الحقوق المفروضات و
المندوبات (فاذا أنت قد بلغت بها الاخرة) و احملت «جمعت ظ»
بينها و بين الدّنيا (فقال له العلاء يا أمير المؤمنين أشكو إليك أخي عاصم
بن زياد قال و ما له قال لبس العباء و تخلّى من الدّنيا).
قيل: المراد بلبس
العباء جعلها شعارا أو ترك القطن و نحوه و الاكتفاء بلبسها في الصّيف و
الشّتاء و في وصيّة النّبي 6 لأبي ذر: يكون في آخر
الزّمان قوم يلبسون الصوف في صيفهم و شتائهم يرون لهم بذلك الفضل على غيرهم اولئك
يلعنهم ملائكة السماوات و الأرض، انتهى.
أقول: و
الأظهر أنّ المراد أنّه اقتصر بلبس العباء و ترك الدّنيا بالمرّة و
لم يأخذ منها سواها.
(قال 7 علىّ به) أى ائتوني به و احضروه لدىّ (فلمّا جاء قال 7 يا
عدّى نفسه).
قال الشارح
البحراني: صغّره استصغارا له باعتبار أنّ شيطانه لم يقده إلى كبيرة بل قاده إلى
أمر و إن كان خارجا به عن الشريعة إلّا أنّه قريب من السلامة و دخل عليه بالخدعة
في رأى الصّالحين، و قيل: بل صغّره من جهة حقارة فعله ذلك