فكذلك كان النّبيّ 6 ممنوا بنفاق المنافقين و اذاهم و خلاف أصحابه عليه و هرب بعضهم إلى أعدائه
و كثرة الحروب و الفتن.
و كان يقول:
أ لست ترى القرآن العزيز مملوّا بذكر المنافقين و الشّكوى منهم و التّألّم من
أذاهم له، كما أنّ كلام عليّ مملوّ بالشكوى من منافقى أصحابه و التّألّم من أذاهم
له.
ثمّ ذكر
كثيرا من الايات المتضمنّة لنفاق المنافقين و الشكوى منهم لا حاجة بنا إلى ذكرها
ثمّ قال:
فمن تأمّل
كتاب العزيز علم حاله صلوات اللّه عليه مع أصحابه كيف كانت و لم ينقله اللّه إلى
جواره إلّا و هو مع المنافقين له و المظهرين خلاف ما يضمرون من تصديقه في جهاد
شديد، حتّى لقد كاشفوه مرارا فقال لهم يوم الحديبيّة: احلقوا و انحروا، فلم يحلقوا
و لم ينحروا و لم يتحرّك أحد منهم عند قوله، و قال له بعضهم و هو يقسم الغنائم:
اعدل يا محمّد فانّك لم تعدل، و قالت الأنصار له مواجهة يوم حنين أ تأخذ ما أفشاه
اللّه علينا بسيوفنا فتدفعه إلى أقاربك من أهل مكة، حتى أفضى إلى أن قال لهم في
مرض موته: ايتونى بدواة و كتف أكتب لكم ما لا تضلّون بعده، فعصوه و لم يأتوه بذلك
وليتهم اقتصروا على عصيانه و لم يقولوا له ما قالوا و هو يسمع قال:
و كان أبو
جعفر يقول من هذا ما يطول شرحه و القليل منه ينبىء عن الكثير و كان يقول:
إنّ الاسلام
ما جلا عندهم و لا ثبت في قلوبهم إلّا بعد موته 6 حين
فتح عليهم الفتوح و جائتهم الغنائم و الأموال و كثرت عليهم المكاسب و ذاقو الذّة
الحياة و عرفوا لذّة الدّنيا و لبسوا الناعم و أكلوا الطيب و تمتّعوا بنساء الرّوم
و ملكوا خزائن كسرى، و تبدّلوا بذلك التقشّف و اللبس الخشن و أكل الضباب و القنافذ
و اليرابيع و لبس الصّوف و الكرابيس أكل اللّوز ينجات و الفالوزجات و لبس الحرير و
الدّيباج فاستدلّوا بما فتحه اللّه عليهم و أتاخه لهم على صحّة الدّعوة و صدق
الرّسالة.
و قد كان
6، وعدهم بأنّه سيفتح عليهم كنوز كسرى و قيصر، فلما