و قوله
(و لكلّ غادر لواء يعرف به يوم القيامة) قال الشّارح
المعتزلي: حديث صحيح مرويّ عن النّبيّ 6 أقول: و هو
تنفير عن الغدر.
و نحوه ما
رواه في الكافي عن علىّ بن إبراهيم عن أبيه عن النّوفلي عن السّكوني عن أبي عبد
اللّه 7 قال: قال رسول اللّه 6: يجيء كلّ
غادر يوم القيامة بامام مايل شدقه حتّى يدخل النّار، و يجيء كلّ ناكث بيعة إمام
أجذم حتّى يدخل النّار، هذا.
و لمّا ذكر
أنّ معاوية ليس بأدهى منه و نبّه على معرفته
بطرق الدّهاء و خبرويّته بها أكّده بقوله:
(و اللّه
ما استغفل بالمكيدة) أى لا يطمع في اغفالي بالكيد عليّ، لأنّي أحذر من الغراب
و إن كان الطامع في الكيد أروغ من الثّعلب، فانّ من كان أعرف بطرق الخداع و وجوه
التّدابير و الحيل لا يتمكّن من إغفاله و لا يلحقه الغفلة عمّا يراد في حقّه من
الكيد و الخديعة كما قال 7 في الكلام السّادس: و اللّه لا أكون
كالضّبع تنام على طول اللّدم حتّى يصل إليها طالبها و يختلها راصدها.
(و لا
استغمز بالشّديدة) أى لا استضعف بالخطوب الشّديدة و الدّواهي العظيمة
لأنّى البطل الأهيس و الحازم الأكيس و الشّجاع الأسوس.
فقد اتّضح
كلّ الوضوح بما أتى به في هذا الكلام بطلان توهّم من زعم أنّ معاوية كان أدهى منه 7 و أصحّ تدبيرا.
و قد بسط
الكلام فى هذا المرام أبو عثمان الجاحظ على أحسن تقرير و تبيان و فصّل الشارح
المعتزلي تفصيلا عجيبا أحببت نقل ما قالا، لأنه من لسانهما أحلى فأقول:
أما الجاحظ
فقد قال في محكيّ كلامه:
و ربما رأيت
بعض من بطن بنفسه العقل و التحصيل و الفهم و التمييز و هو من العامة و يظنّ أنه من
الخاصة يزعم أنّ معاوية كان أبعد غورا و أصحّ فكرا و أجود