الشبع و البطنة و أهل التقوى لكونه
متّصفا بقلّة الأكل و قناعته بالحلال حسبما عرفت في الخطبة المأة و الثانية و التّسعين
و شرحها يسلم جسده غالبا من الأمراض و الأسقام.
و يرشد إلى
ذلك ما رواه المحدّث الجزائرى في زهر الرّبيع أنّ حكيما نصرانيا دخل على الصادق
7 فقال: أ فى كتاب ربّكم أم فى سنّة نبيّكم شيء من الطب؟ فقال: أما في
كتاب ربّنا فقوله تعالى كُلُوا وَ اشْرَبُوا وَ لا تُسْرِفُوا و أما في
سنّة نبيّنا: الاسراف في الاكل رأس كلّ داء و الحميّة منه أصل كلّ دواء.
و فيه أيضا
عنه 7 أنه لو سئل أهل القبور عن السبب و العلّة في موتهم لقال اكثرهم:
التخمة.
و فيه أيضا
قال: و روى أنّ المؤمن ياكل في معاء واحد و الكافر يا كل في سبعة أمعاء.
و قد تقدّم
في شرح الفصل الثاني من الخطبة المأة و التاسعة و الخمسين فصل واف في فوايد الجوع
و آفات الشّبع فليراجع ثمة.
(و صلاح
فساد صدوركم) لأنّ فساد الصدور و هو كونها ساقطة عن الاعتبار خالية
عن المنفعة إنّما ينشأ من طريان ما يفسدها من الغلّ و الحقد و الحسد و نحوها من
الوساوس النّفسانية عليها، و بالتقوى يرتفع هذه كلّها و يحصل صلاحها، و به يظهر
أيضا معنى قوله:
(و طهور
دنس أنفسكم) لأنّ هذه الطوارى أيضا أوساخ موجبة لتدنّس النّفوس بها، و التقوى
مطهرة لذلك الدّنس و الوسخ.
(و جلاء
غشاء أبصاركم) يعنى أنّ التّقوى تجلو و تكشف غطاء أبصار البصاير و
تستعدّ بذلك لادراك المعقولات، كما أنّ الباصرة إذا ارتفع حجابها و انجلى غشاوتها
تصلح لادراك المبصرات.
(و أمن فزع
جاشكم) إذ بها تحصل قوّة القلب في الدّنيا، و هى أمان من أفزاع يوم القيامة
و أخاويفها كما قال تعالى في سورة الأعراف فَمَنِ اتَّقى وَ أَصْلَحَ