و أمّا قوله 6 فيه: فاستغفر له فلعلّه استغفر لابنه لمّا سأل لأبيه الاستغفار و كان يعلم
أنه من أصحاب الجحيم، و يدلّ على ما قلنا قوله: فبدا من رسول اللّه 6 ما لم يكن يحبّ، انتهى.
فقد اتّضح
بما ذكرنا كلّ الوضوح نكتة قيام رسول اللّه 6 على قبر ابن
سلول و صلاته عليه، و علّة ما صدر منه 6 من الاستغفار.
و مع الغضّ
عن ذلك أيضا فهو 6 أعلم بعلل ما يقول و يفعل، و بوجوه المصالح
الكامنة فيما يأتي و يأمر به، فلا حقّ للجلف الجافى ابن حنتمة و أمثاله من الأوغاد
الطعام أن يعترضوا على سيّد الأنام و رسول الملك العلّام عليه و آله آلاف التحيّة
و الاكرام.
و أما ما
اعتذر به الشارح المعتزلي أخيرا من أنّ الرّجل كان مطبوعا على الشدّة و الشراسة و
الخشونة و كان يقول ما يقول على مقتضى سجيّته التي طبع عليها.
فقد تقدّم
جوابه في شرح الفصل الثاني من الخطبة الشقشقية.
و محصّل ما
قلناه هناك إنّ خشونة سجيّته و جفاوة طبيعته إن كانت بالغة إلى مرتبة لم يبق له
معها اختيار في الامساك عن فضول كلامه و سقطات لسانه و الكفّ عن هجره و هذيانه،
فيتوجّه عليه أنّ من كان كذلك يعدّ في زمرة المجانين فكيف يصلح لامامة الأمة و
خلافة النبوّة.
و إن لم تكن
بالغة إلى تلك المرتبة فذلك الاعتذار لا يدفع عنه العار و الشنار كما لم يدفع عن
ابليس استحقاق النار و سخط الجبّار، و لم يرفع عنه لؤم الاستكبار حين استكبر
بمقتضى الجبلة النارية و اعتذر به في قوله: خلقتني من نار و خلقته من طين، بل
استحقّ اللّعنة و الابعاد إلى يوم الدّين و خلّد في الجحيم أبد الابدين.
و أما قول
الشارح و على أىّ حال كان فلقد نال الاسلام بولايته و خلافته خيرا كثيرا.
فيه أنه هب
أنّ إنهاض الجيوش و بعث العساكر و فتح بعض البلاد كان في زمان