كما وصفه 7 بذلك فى الخطبة
المأة و الخامسة و السبعين و كذلك وصفه رسول اللّه 6 أيضا به
فى حديث الثقلين الذى قدّمنا روايته فى شرح الخطبة السادسة و الثمانين.
و استعير عنه
أيضا فى الكتاب العزيز فى قوله وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً
وَ لا تَفَرَّقُوا على أحد تفاسيره، و وجه الاستعارة أنّ الاعتصام و التمسك بالحبل
الوثيق المحكم كما أنه سبب النجاة من المهاوى و المهالك، فكذلك بالتمسك بالقرآن
يحصل النجاة من الكفر و الضلال الموجب للهلاك الدّائم و الخزى العظيم.
و روى
الطريحى فى مجمع البحرين عن علىّ بن الحسين 8 قال: الامام منّا لا
يكون إلّا معصوما و ليست العصمة في ظاهر الخلقة فتعرف، قيل: فما معنى المعصوم؟ قال
7: المعتصم بحبل اللّه، و حبل اللّه هو القرآن لا يفترقان إلى يوم
القيامة.
و بما ذكرناه
ظهر أنّ جعل المراد بالحبل في المتن هو القرآن أولى و أظهر من تفسيره بالدّين
القويم كما في شرح البحراني، هذا.
و لمّا حمد
اللّه عزّ و جلّ بما هو أهله عقّبه بالشهادة بالرّسالة فقال (و نشهد أنّ
محمّدا 6 عبده و رسوله) قد مرّ بيان معنى
العبد و أنّ مرتبة الرّسالة فوق مرتبة العبوديّة في شرح الخطبة الاحدى و السبعين
فليتذكر.
و لمّا شهد
برسالته اتبعه بشرح حاله 6 حين أداء الرّسالة فقال
استعاره مرشحة (خاض إلى رضوان اللّه كلّ غمرة) استعار لفظ الغمرة عن غمرة
الماء و هي معظمه و مزدحمه للشدائد و المكاره الّتى ابتلى بها حين بعثته، و الجامع
للاستعارة أنّ غمرة الماء كما تغمر و تغطى الخائض فيها من كلّ جانب فكذلك تلك
المكاره و الشدائد حسبما تعرف كانت محيطة به 6 من كلّ
طرف، و رشّح الاستعارة بذكر لفظ الخوض.
و محصّل
المراد انّه 6 تحمل كلّ مكروه توجّها إلى منتهى رضاه
عزّ و جلّ (و تجرّع فيه كلّ غصّة) أى تجرّع الغصص في
تحصيل رضوانه تعالى، أى ابتلعها جرعة بعد جرعة و أراد بالغصص الغموم و الهموم
العارضة له من مزيد أذى المشركين