أى مالوا و اشتاقوا
(إليها طمعا و تطلعت) أى أشرفت
(نفوسهم إليها شوقا و ظنّوا أنّها نصب أعينهم) أى
أيقنوا أنّ تلك الاية أى الجنّة الموعودة بها معدّة لهم بين أيديهم و إنما جعلنا
الظنّ بمعني اليقين لما قد مرّ من اتّصافهم بعين اليقين و أنهم و الجنّة كمن قد
رآها فهم فيها منعّمون.
(و إذا
مرّوا باية فيها تخويف) و تحذير من النار (أصغوا) أى أمالوا (إليها
مسامع قلوبهم و ظنّوا) أى علموا (أنّ زفير جهنّم و شهيقها) أى صوت
توقدها (فى اصول آذانهم) أو المراد زفير أهلها و
شهيقهم، و الزّفير إدخال النفس و الشهيق إخراجه، و منه قيل: إنّ الزّفير
أوّل الصوت و الشهيق آخره، و الزّفير من الصّدر و الشهيق من الحلق، و كيف كان فالمراد
أنهم و النار كمن قد رآها فهم فيها معذّبون.
و محصل
المراد أنّ المتّقين يقرؤن القرآن بالتّرتيل و الصوت الحسن الحزين و يشتدّ رجاؤهم
عند قراءة آيات الرّجا و خوفهم عند تلاوة آيات الخوف.
روى في
الوسائل عن الشيخ عن البرقي و ابن أبي عمير جميعا عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه
7 قال: ينبغي للعبد إذا صلّى أن يرتّل في قراءته فاذا مرّ باية فيها
ذكر الجنّة و ذكر النار سأل اللّه الجنة و تعوّذ باللّه من النار، و إذا مرّ بيا
أيها الناس و يا أيها الّذين آمنوا يقول لبّيك ربّنا.
و عنه عن
عثمان بن عيسى عن سماعة قال: قال أبو عبد اللّه 7 ينبغي لمن قرء القرآن
إذا مرّ باية فيها مسألة أو تخويف أن يسأل عند ذلك خير ما يرجو و يسأل العافية من
النار و من العذاب.
و فيه عن
الكليني عن الزّهرى في حديث قال: كان عليّ بن الحسين 8 إذا قرء مالك
«ملك» يوم الدّين يكرّرها حتى يكاد أن يموت، هذا.
و لما ذكر
7 وصف قيامهم و قراءتهم أشار إلى ركوعهم بقوله (فهم حانون) أى عاطفون (على
أوساطهم) يعني أنّهم يحنون ظهرهم فى الرّكوع أى يميلونه في استواء من رقبتهم
و من ظهرهم من غير تقويس.
و أشار إلى
سجودهم بقوله (مفترشون لجباههم واه كفّهم و ركبهم و أطراف أقدامهم)