الوجود، فلو كان ذاته مقارنا بشيء آخر و
انحاء المقارنات محصورة و كل منها قد وجد في المخلوقات فيلزم كونه من نوع
المخلوقات بل يلزم كونه خالقا لنفسه كما مرّ.
الثامن عشر
أنّه مضادّ بين الأمور المتضادّة و هو في الحقيقة تأكيد للوصف السّادس عشر، لأنه
قد ذكر جملة من أقسام المتضادّات و المتفرّقات ليتبيّن أنّ مضادّها و مفرّقها ليس
من جنسها، و يتّضح أنه ليس متّصفا بها و لا بالتضاد فقال:
(ضاد
النّور بالظلمة) و هو دليل بظاهره بصيغة الفاعل على كون الظلمة أمرا وجوديا
مطابق لقوله تعالى: وَ جَعَلَ الظُّلُماتِ وَ النُّورَ إذ لو كان
أمرا عدميّا لم يكن مجعولا مخلوقا، و هو مذهب المحقّقين من المتكلّمين حسبما عرفته
في شرح الفصل الأوّل من المختار الرابع، خلافا للاشراقيّين و أتباعهم حيث ذهبوا
إلى أنّها ليست إلّا عدم النّور فقط، من غير اشتراط
الموضوع القابل.
مجاز [ضاد
النّور بالظلمة] قال الصّدر الشيرازي: و الحقّ أنها ليست عدما صرفا بل هي عبارة عن
عدم الضوء عما من شأنه أن يضيء و إذا ليست بعدم صرف، و مع ذلك يتعاقب مع الضوء
على موضوع واحد كالهواء و نحوه، فصّح عليه إطلاق الضّد على اصطلاح المنطقيين حيث
لا يشترط في اصطلاحهم المنطقى كون كلا الضدّين وجوديّين، بل الشرط عندهم التعاقب
على موضوع واحد انتهى.
و على ذلك أى
كونها عبارة عن عدم الضوء عما من شأنه أن يكون مضيئا تقابل الضّوء تقابل العدم و
الملكة، و يكون اطلاق الضدّ عليها بحسب الاصطلاح الحكمي مجازا كما لا يخفى.
(و) ضاد
(الوضوح بالبهمة) أى الظهور بالابهام و الجلاية بالخفاء، و فسّرهما الشارحان المعتزلي
و البحراني بالبياض و السّواد و لا يخفى بعده (و الجمود بالبلل) أى اليبوسة
بالرطوبة (و الحرور بالصرد) أى الحرارة أو حرارة الريح الحارة بالبرودة.
التاسع عشر
أنّه تعالى اسلوب- تطبيق (مؤلّف بين متعادياتها مقارن بين
متبايناتها مقرّب بين متباعداتها) لا يخفى حسن الاسلوب و لطافة التطبيق في هذه
الفقرات الثلاث